“الخلد للفنان ” عرض موسيقي رائع للملحن عادل بندقة يرد فيه الاعتبار للفنان المبدع في جميع مجالاته

أنوار جامعية نيوز / حافظ الشتيوي

حافظ الشتيوي

“الخلد للفنان ” عرض موسيقي رائع للملحن عادل بندقة يرد فيه الاعتبار للفنان المبدع في جميع مجالاته

لكل مبدع رسالة في الحياة وما يخطه من إبداع يظل راسخا في الأذهان خالد أبدا الدهر ليكون منارة للأجيال القادم وكما قال الشاعر الحبيب لسود “المجد للإنسان والخلد للفنان “

مقدمة أردتها تحية خاصة إلى الذين فكروا في هذا العرض وحلموا به وسهروا الليالي من أجل تنفيذه وكتابته وصياغته وتبويبه وتلحينه وتوزيعه وتسجيله واختيار العناصر المشاركة والأصوات التي ستغني والعازفين والراقصين والرسامين والتقنيين والمصورين ليشكلوا لنا لوحة فسيفسائية متكاملة العناصر المشهدية  والجمالية وكأنها رسالة أرادها الفنان عادل بندقة بان الفنان يعيش بإبداعاته أطول عمرا من الجميع بالرغم من حالات التهميش التي عرفها المبدع الفنان خلال الأزمة الصحية لكوفيد 19 والتي كشفت عن هشاشة قطاع الفن والثقافة ووجب على السلط المعنية إعادة النظر في وضعية الفنان .

 هذا ما جال بخاطري من هواجس وأفكار إثر نهاية العرض الغنائي أو المغناة “الخلد للفنان” الذي قدم بمسرح الجهات بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي مساء الاحد 27 فيفري 2022  انتاج وألحان عادل بندقة، بالاشتراك مع مسرح الأوبرا وبدعم من الصندوق الوطني للتشجيع على الإنتاج الأدبي والفني ، نص الحبيب الأسود، توزيع فادي بن عثمان، كوريغرافيا آمنة بوناب وغناء كل من الفنان منير المهدي، المطربة نهى رحيم، سيف الدين التبيني والسوبرانو أمينة بقلوطي ، وبمشاركة أصوات أوبرا تونس لهيثم الحضيري وقراءة شعرية لحاتم الغرياني ورسم على الرمل للمسرحي علي اليحياوي بمصاحبة الأركستر السمفوني التونسي بقيادة الموزع الفنان فادي بن عثمان.

لوحات فنية تجسد مختلف الإبداعات

تضمن العرض محاور رئيسية متباعدة متجانسة مختلفة تمثلت أساسا في فقرات غنائية وارتجالات موسيقية لعازفين بمختلف آلآلاتهم الموسيقية كالوترية والإيقاعية والهوائية وقراءات شعرية ولوحات كوريغرافية وجميع هذه المحاور رافقتها بامتياز رسوم رملية على البلور عرضت بطريقة سينمائية كصورة خلفية على شاشة عملاقة تجسد نماذج لمسيرة كل فنان بتقنية الرسم على الرمال وهكذا ضرب لنا الفنان عادل بندقة أكثر من عصفور بحجر واحد فالفن هو الحياة وجميع الفنون متداخلة  يلتقي فيها الموسيقي بالمطرب الفنان والشاعر والرسام بالسينمائي والمسرحي بالنحات والشاعر بالكوريغرافي .

عندما يصدح الشاعر والفنان هذه تونس التي نريد

على امتداد ساعة ونصف تقريبا استمتع الجمهور الغفير بأغاني تونسية بأنماطها المختلفة ذات اللون الكلاسيكي والعالمي والأندلسي والشرقي التونسي من حضري وبدوي كدلالة من الفنان على عراقة الفن المتأصل ببلادنا عراقة الحضارات المتعاقبة وثراء تراثنا الفني والثقافي على امتداد الحقب التاريخية وما بين الفقرات الغنائية كان للشعر نصيب محترم ألقاه بكل اقتدار الإعلامي حاتم الغرياني  بصوته الإذاعي المميز من خلال مقطوعات ” فوق حدود الدهر والأوطان “

وقد أبدع المطربون دون استثناء في أداء الأغاني والانطلاقة بصوت السوبرانو أمينة البقلوطي التي قدمت مقطوعة ” المجد للإنسان والخلد للفنان ” صحبة كورال أصوات أوبرا تونس في مزيج أركستر الي يقشعر له الابداع لقوة صوتها ولتناغم أصوات الكورال وكأنك في أجواء ملائكية تغني على اكبر المسارح العالمية لتعود بعدها لتقدم مقطوعة ” حضارات” في مرافقة جميلة للوحة كوريغرافية متناغمة مع الطابع الكلاسيكي للأغنية لا تقل روعة عن أغنية البداية والتي غنتها أيضا في النهاية لتكون أشبه بجنريك العرض إن صح التعبير

إثرها مباشرة  اعتلى الركح الفنان منير المهدي ذو الصوت الطروب الذي ابدع في أداء أغاني “النور والسلام” و” كبرياء” و” ما أحلى الدنيا ” وقد أعادنا مرة أخرى إلى زمن الطرب الجميل وشنف آذاننا بصوته الشجي ليؤكد منير المهدي مرة أخرى بانه قامة فنية وصوت يمتلك الروح والاحساس .
تلاهما مباشرة صوتان يمثلان مستقبل الأغنية التونسية الطربية والبدوية ونعني بهما  كل من الصوت الجميل والعذب الفنانة الشابة “نهى رحيم” التي قدمت ” شمس الحضارة “و ” روح الفن ” و” الفنان ” وغيرها من الأغاني والفنان “سيف الدين التبيني” الذي أبدع في أداء أغنية “يا شموع ” وكلا المطربين تمكنا من شد الجمهور الحاضر بكثافة  خاصة ان المرافقة الكوريغرافية كان غاية في التناغم والانسجام الجامعة  بين الأصالة في اللباس والمعاصرة في الأداء والحركات والجمالية في اللباس وقد صممت الرقصات  الكوريغرافية آمنة بوناب
أخيرا وليس آخرا لا يمكننا إلا أن ننوه بالرسم على الرمل الذي أمكنه المسرحي علي اليحياوي من خلال لوحات رملية مرافقة للوحات الموسيقية والكوريغرافية وكانت غاية في الدقة والجمالية وكأنها لوحات تشكيلية مرسومة على قطع من القماش لتفاجئ بأنه يمحيها فجأة ليعوضها بلوحة أجمل منها.

عرض يستحق المهرجانات الدولية فهل من مجيب ؟

في الختام يمكن القول بأن عرض “الخلد للفنان” أنتج ليشاهد أكبر عدد ممكن من الجمهور في تونس وخارجها وهو من نوعية العروض التي تسمى Spectacle de prestige  وهو وجه مشرف لتونس إذا ما عرض في تظاهرات دولية لأنه في الحقيقة  ليس مجرد عرض فني موسيقي بل هو رسالة غاية في النبل والعمق فكرته الأساسية ” كلنا راحلون  ولا يبقى إلا الإبداع”  فالمبدع خالد بخلود فنه والفن هو شريان الحياة و نبض القلب فهل نراه على ركح مهرجان قرطاج بقية المهرجانات الدولية الكبرى ؟ شكرا الفنان عادل بندقة على لحظات الحلم والصور الجميلة والنغمة الأصيلة وعلى إعادة الاعتبار لقيمة الفن الحقيقي و الخلد في الأخير لا يكون إلا للفنان

 L-univers

L-univers

Journal électronique traitant des affaires étudiantes, de la vie universitaire, des services universitaires et des activités communautaires

Shopping Basket