أنوار جامعية نيوز / بقلم أنيسة فخرو – البحرين
في مقالنا هذا نحاول تقديم ملخص شامل للعمل التراثي العظيم (العقد الفريد)، المؤلف: أبو عمر شهاب الدين أحمد محمد بن عبدربه بن حُدير بن سالم القرطبي الأندلسي، مولى هشام بن عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك بن مروان الأموي.
ولد عبد ربه في عام 246 هجرية في قرطبة، وتوفى مفلوجا في 328 هجرية عن عمر يناهز الثمانين (860-940م)، وقد عاصر كل من الأمير عبدالله، ثم الأمير عبدالرحمن الناصر، عام 300 هجري.
طُبع العمل مرات عدة، في الأعوام: 1293 و 1302 و 1305 و 1373 هجري بالقاهرة، وما وصلنا منه يتكون من سبعة كتب، كل كتاب يشتمل على حوالي 500 صفحة، وتم نشر الكتب الستة ما بين السنوات 1940 إلى 1949م، أما الكتاب السابع، فنُشر عام 1953م.
عنوان العمل جاء من العقد الذي يزين جيد المرأة، ويتألف من خمس وعشرين فصلا، وكل فصل عبارة عن جوهرة كريمة، اثنتا عشرة على كل جانب، وتتوسطهما الجوهرة الأكبر وتُسمى (الواسطة)، وبقية الجواهر مثل اللؤلؤة والجُمانة والمرجانة والياقوتة والزمردة.
يتكون العمل من 25 فصلا، وعلى التوالي جاءت كالتالي:
في السلطان والمُلك، والحروب، الأجواد والأصفياء، الوفود، مخاطبة الملوك، العلم والأدب، الأمثال، المواعظ، التعازي والمراثي، النسب وفضائل العرب، الأجوبة، الخطب، التوقيعات والفصول وأخبار الكتّاب، الخلفاء وتواريخهم، أخبار زياد والحجاج، أيام العرب ووقائعهم، فضائل الشعر ومقاطعه ومخارجه، عروض الشعر وعلل القوافي، علم الألحان واختلاف الناس فيه، النساء وصفاتهن، المتنبئون والبخلاء والطفيليون، طبائع الإنسان وسائر الحيوان، الطعام والشراب، الهدايا والفكاهات.
والكتاب السابع يخص الفهارس، ويضم اثنى عشر فهرسا على النحو التالي: الآيات القرانية، الأحاديث النبوية، الأعلام، الأمثال، الأمكنة والبلدان، الأيام، الأمم والقبائل والبطون، فهرس الكتب، الأشعار، أنصاف الأبيات، الأرجاز، والموضوعات.
وسنأتي على ذكر بعض المقولات من الأجزاء والفصول، ففي تعريف السلطان يقول: (السلطان زمام الأمور، ونظام الحقوق، وقوام الحدود، وظله الممدود على عباده، به تمتنع حريمهم، وينتصر مظلومهم، وينقمع ظالمهم، ويأمن خائفهم).
ويستشهد بالحديث الشريف: (عدل ساعة في حكومة، خير من عبادة ستين سنة).وعن العدل والقضاء العادل، يأتي على ذكر بعض من أقوال عمر بن عبد العزيز:
(إذا كان في القاضي خمس خصال فقد كمل: علم بما كان قبله، نزاهة عن الطمع، حلم على الخصم، اقتداء بالأئمة، ومشاورة أهل العلم والرأي).، وقوله: (إذا أتاك الخصم وقد فُقئت عينه، فلا تحكم له حتى يأتي خصمه، فلعله قد فُقئت عيناه الاثنتان).
ومن الأمثلة ما قاله الشُعبي: (كنتُ عند شريح القاضي، إذ دخلت عليه امرأة تشتكي زوجها وهو غائب، وتبكي بكاء شديدا، فقلت أصلحك الله ما أراها إلا مظلومة، قال وما علمك؟قلت لبكائها، قال لا تفعل، فإن أخوة يوسف جاءوا أباهم عشاء يبكون، وهم له ظالمون). لذا عليك ألا تأخذ بالظواهر عند الحكم.
وفي فصل الحروب يقول عمر بن الخطاب لعمرو بن معد: صف لنا الحرب، قال: (مُرّة المذاق، من صبر فيها عرف ومن نكل عنها تلف).ويقول عنترة في وصفه للحرب: (أولها شكوى، وأوسطها نجوى، وآخرها بلوى).ويقول الخليفة أبي بكر لخالد بن الوليد: (أحرص على الموت، توهب لك الحياة).
وفي الفصل الثالث المتعلق بالأجواد والأصفياء، يقول في مدح الكرم وذم البخل، عن الحديث النبوي الشريف: (إن الله يحب الجود ومكارم الأخلاق).وعن العطية قبل السؤال يقول الحكماء: (السخي من كان مسرورا ببذله متبرعا بعطائه، لا يلتمس عرض الدنيا فيحبط عمله، ولا طلب مكافأة فيسقط شكره).
وفي استنجاز الوعود يُقال: (أنجز حرّ ما وعد).وتقول العرب: (وعد الكريم نقد، ووعد اللئيم تسويف).وفي مخاطبة الملوك قالت العرب: (أنفذ من الرمية الكلمة الفصيحة).وفي تعريف البلاغة يقول معاوية: أن تجيب فلا تبطئ وتصيب فلا تخطئ.ويقول سهل بن هارون: العقل رائد الروح، والعلم رائد العقل، والبيان ترجمان العلم. كما يُقال: عدو عاقل أحب إليّ من صديق جاهل.
تراثنا ثري وجميل، نستقي منه مقولات من ذهب، وعلينا أن نتأملها جيدا ونستفيد منها كثيرا.
الدكتورة أنيسة فخرو
سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام