اللّباس التقليدي يوم.. وكلّ يوم بقلم آمنة باشا

أنوار جامعية نيوز/ آمنة باشا أستاذة الأدب العربي

اللّباس التقليدي يوم.. وكلّ يوم

من السنن  الحميدة التي تروقني كثيرا، وأعيشها بامتلاء منقطع النظير هي الاحتفال باليوم الوطني للباس التقليدي في السادس عشر من شهر مارس من  كل سنة. ولا أظن أنّ اختيار هذا التاريخ بالذات كان اعتباطيا؛ فليس ثمّة أجمل من تزامن هذا الاحتفال بحلول الربيع فصل الجمال والحبور والإشراق والنشور…

  وكما تلبس الطبيعة أجمل حللها في فصل الربيع، فتغدو كعروس  ليلة زفافها،كذلك يلبس الكبار والصغار في بلادنا أجمل ما جادت به أيادي المبدعين والفنانين والحرفيّين في فنّ التفصيل والخياطة والتطريز والحياكة.

وتدعونا مظاهر الاحتفاء بهذه المناسبة، والحرص على إحيائها بكلّ إلحاح إلى  الولوج  إلى  رمزية هذا اليوم، نعم إنّه التحدي حيث تكمن قوة الهوية الوطنية التونسية التي تعتبر اللباس التقليدي جزءا أصيلا من مكوّنات هويتنا الوطنية ومظهرا من مظاهرها؛ ففي زمن يرتمي فيه الكثيرون في أحضان الموضة وهوسها ويقلدون الغرب في مظهرهم تقليدا أعمى ، وفي وقت يرتمي فيه آخرون في أحضان اللباس “الغريب” عن هويتنا والذي يرتديه بعض المتدينين رجالا ونساء، في مقابل ذلك نعلن كتونسيين تحدينا لهذا الاختراق لهويتنا الوطنية، ونتمسك باصالتنا ونعتز بها أكثر فأكثر، ونرفع صوتنا كل عام لنقول لن نذوب في العولمة ، ولن نتخلّى عن أصالتنا…

والحقيقة أنّ الوعي العامّ بهذه القيمة التراثية للباس التقليدي قد تنامى في السنوات الأخيرة، وأصبح الناس يتهافتون على اللباس التقليدي لإحياء هذا اليوم في المؤسسات والشوارع، وكذلك في سائر الأيام ولا سيما في الأفراح والأعراس وخاصة ما تعلّق بلباس العريس  والعروس. وولكن يبقى اليوم الوطني للباس التقليدي علامة مضيئة في احتفالاتنا، بل هو من الاحتفلات والأعياد التي تجمّعما والحمد لله ولا تفرّقنا وتدخل الفرحة في قلوبنا صغارا وكبارا رجالا ونساء…

إنه لفخر عظيم لنا هذا الإصرار على الاحتفال بيوم نذكر فيه كل  ما يحاول الزمن أن يعبث به وينسينا عبقه.. ونقول سنظلّ أوفياء لأجدادنا ولأصالتنا في زمن عزّ فيه الوفاء… وبما أننا شعب غير متقوقع، بل  منفتح على الثقافات الأخرى ومؤمن بالتطور والتثاقف، إلا أننا كذلك من الشعوب التي تحترم هويتها ويتجلّى ذلك في التمسك باللباس التقليدي الذي يصبح من هذا المنطلق ذا طابع رمزي يحمل اسم البلاد وأمجاد الأجداد ويفوح منه عبق التاريخ وعراقة الحضارة الضاربة في أعماق كل تونسي وتونسية…

 L-univers

L-univers

Journal électronique traitant des affaires étudiantes, de la vie universitaire, des services universitaires et des activités communautaires

Shopping Basket