أنوار جامعية نيوز / حسن السوداني
الآن وقد بلغنا الهزيع الأخير من سنة 2020 آن لنا أن ننظر قليلا إلى الوراء و أن نستشعر الطابع المتفرد لهذه السنة العجيبة .
على إيقاع الوباء بدأت البشرية هذه السنة وبدء الامتحان الحقيقي للحضارات والرقي وواقع الأمم المختلفة التي تسكن القرية الصغيرة المسماة بالأرض
في سنة 2020 كان الخوف من الموت يتوزع على سكان المعمورة بعد اجتياح الكورونا أو الكوفيد 19 لكل مكان وأصبحت دموع الأطباء العاجزين وصناديق الدفن والبدلات البيضاء المعقمة تشاهد يوميا على منصات التواصل و اضطربت علاقات دول كانت بالأمس حليفة وظهر بالكاشف كذب الشعارات القائلة بوحدة المصير والأخوة في الانتماء..
وانهارت اقتصادات عديدة و بورصات عظيمة و
توقفت السياحة و الرحلات الجوية
والزيارات بين الدول و بين الأهل .. وحبس
العالم أنفاسه بانتظار الكارثة لولا أن تداركه رحمة من الله فظهر خبر اكتشاف
اللقاح لتطمئن قليلا رغم ارتفاع عدد
الوفيات وركود الاقتصاد العالمي .
وبين ما شاهده العالم من صراع في حوض البحر المتوسط على السيطرة على حقول الغاز والبترول بين قوى استعمارية قديمة جديدة و ما نقله الإعلام في الانتخابات الأمريكية من تبادل الاتهامات غير المسبوق بين المرشحين و تدني مستوى الخطاب خاصة من المرشح الجمهوري دونالد ترامب .. و على وقع سقوط حبات السبحة العربية على أرضية التطبيع مع العدو الصهيوني وبين الصراع الأمريكي الصيني على ريادة العالم والتفوق الصيني الجلي من خلال تعاملها الصارم و المنضبط مع أزمة الكورونا وعلى مشهد التعامل العنصري المقيت مع السود في امريكا واروبا و مشهد الارهاب الذي طبع هذه السنوات الأخيرة ولم يتوصل العالم لفك رموزه أو التخلص منه .. كان المواطن البسيط يرزح تحت وطأة غلاء الأسعار و ارتفاع نسب البطالة و ارتفاع منسوب الجريمة وتفشي ظاهرة الاكتئاب والانتحار.و كان الوحيد الذي يدفع الثمن غاليا .
ولكن 2020 سمحت للأرض أن تتنفس قليلا بعض
الهواء الصافي بعد نقص انبعاث الغازات السامة و رتق طبقة الأوزون و أعطت فرصة للعديد من الأنظمة لمراجعة اتفاقياتها و إعادة تشكيل كيانات جديدة
وتحالفات مثمرة سيما وان القادم قد يكون أكثر ثقلا مع بداية تشغيل الجيل الخامس
للاتصالات و إتمام بناء طريق الحرير الجديدة
التي تشق أوروبا وإفريقيا إلى أسيا
والمستقبل يبدو غامضا حقا فلا مكان فيه للضعفاء
والتحالفات المهترئة ..
في الأخير يبدو ان سنة 2020 قد أسقطت كثيرا من الأقنعة و أبرزت القيم الحقيقية للعالم الرأسمالي في توحش قد ينذر بمواجهات دموية لفرض السيطرة و خدمة المصلحة الخاصة ..فهذا عصر المادة المحض و فيه تنقلب قيم الحرية والمساواة والعدالة إلى واجهة تخفي التغول والسيطرة و الاستعمار .