حوار مع الشاعرة الشابة هديل المحفوظي: كثيرا ما يأخذني قلمي وفكري بصورة عفوية إلى أنماط مختلفة من الكتابة وتعجبني كتابات كمال الرياحي وخولة حسني

أنوار جامعية نيوز / حوار سالم العقربي

هديل المحفوظي فتاة الثامنة عشرة ربيعا هدائة في طبعها حالمة في نظراتها موهبة ناشئة في كتاباتها ، بدأت تشق طريقها في عالم الكتابة والادب بخطى حثيثة وثابتة ورصينة متميزة ، تحمل في فكرها مطالعات و تجارب و فكر أكبر من عمرها ، جمعتني بها الصدفة ذات نشاط جمعياتي فوجدتها  تتقد حماسا و حيوية وقلما بدأ يستنطق الحروف مبكرا لينحت اسما علما في المستقبل .
تبادلنا اطراف الحديث وغصنا في متاهات البدايات والحلم والمستقبل فكان هذا الحوار الممتع.

لننطلق من البداية كيف تعرفين القراء بنفسك؟
هديل المحفوظي ثمانية عشر سنة أدرس باكالوريا شعبة الآداب هاوية للكتابة والمسرح و التعليق الصوتي أكتب النثر والشعر الحر و المقامة و الرواية.

أي الروايات التي تحاولين تجربة كتابتها ؟
انا بصدد كتابة رواية نقدية ذات بعد فلسفي ليست مرتبطة بزمان معين و بمكان معين فهي مطلقة و تصلح لكل زمان و مكان.

كيف تعرفين منطلقات الكتابة عندك ؟ هل هو مجرد إحساس ام اشتغال على الشخوص و الأحداث و المكان؟
في البداية أكتب ما أشعر به فالإحساس يقودني للكتابة ثم أبحث في اغوار الشخصيات و أغوص في تفاصيل كل شخصية و ذلك من خلال الأشخاص الذين ألتقيهم في حياتي و احيانا ألتقيهم صدفة فأتخيلهم أبطال الرواية التي أكتبها.

ولكن كيف كانت انطلاقتك الحقيقية مع تشكيل الحروف؟
تعود الحكاية إلى سنوات مضت عندما كنت في الفصل واحقاقا للحق لم أكن منتبهة للدرس فقد كنت منشغلة في خط بعض الكلمات حتى  فاجأتني أستاذتي و أخذت مني الكراس فارتبكت وخفت لأني اعتقدت اني اذنبت في حق الدرس ولكنها فاجأتني بابتسامة عريضة و سألتني هل ان كنت صاحبة هذه الكلمات الشعرية فلما اجبتها بالإيجاب عبرت لي عن اعجابها بما اكبت وشجعتني  فكانت كلماتها هي البداية بالنسبة لي .

ماهي أنماط الكتابة التي تحبذينها؟
اصدقك القول بأني لا أحبذ التقيد بنوعية معينة من  الكتابة بل أطمح إلى  أن التنوع في تجاربي  فغالبا ما يقودني احساسي إلى نوع معين من الكتابة ويأخذني قلمي
وفكري بصورة عفوية إلى نمط  آخر من الكتابة ، كما يمكن للموضوع أن يفرض نفسه وكثيرا ما أراوح في كتاباتي  بين الخاطرة و الشعر والقصة.

ماذا تمثل الكتابة بالنسبة اليك ؟
الكتابة بالنسبة لي أضل طريقة للتواصل مع الذات مع الآخر و مع العالم فأنا أكتب للتواصل مع العالم و للتعبير عن ذاتي .

لمن تقرئين وماهي منطلقات الكتابة عندك ؟
ليس لدي كاتبا محددا فالمطالعة بحر و لكني مغرمة بالكتابات الفلسفية و كتب علم النفس التي تبحث و تغوص في الذات و ربما في بعض الظواهر التي يعجز العلم على تفسيرها كما تجذبني المواضيع الاجتماعية والإنسان ليس بمعزل عن عالمه و مجتمعه وأنا لا أعيش في جزيرة معزولة بل أكتب منطلقة من ذاتي و متأثرة بمحيطي.
وقد تأثرت بكتابات المنفلوطي خاصة كتابه “النظرات” في جزئه الثالث فهناك نص كتبه لابنه أثر في و غير الكثير في حياتي. كما يعجبني قسطنطين جورجيو في كتابه” شحاذو المعجزات ” و روايته “الساعة الخامسة و العشرون” فطريقة كتابته مختلفة و تمس وجدان القارئ.

من يعجبك من الكتاب في تونس؟
تعجبني كتابات الكاتب كمال الرياحي  من خلال كتاب “عشيقات النذل” و كتاب
” البيريتا يكسب دائما” و الكاتبة خولة حسني من خلال كتاب   Le cauchemar de bathyscaphe  
وكتاب  les cendres de Phoenix

هل تعتقد بوجود صراع أجيال بين الكتاب أم هناك تكامل و تواصل بينهما في مجالات الإبداع؟
 تنظر الاجيال السابقة بصفة عامة للشباب و إبداعات على انها محاولات بسيطة
في حين أرى عكس ذلك ،  فللشباب نظرته و طريقته المختلفة و من المفروض تشجيع الجيل الجديد من المبدعين وقد لاحظت بصفة عامة هناك إقصاء الشباب
واليافعين في عدة مجالات إبداعية و خاصة مجال الأدب بل أكثر من ذلك فهناك نظرة دونية عموما لكتابات الشبان من طرف أغلب الكتاب الكبار سنا و إبداعا في البلاد وأرى من  الضروري التواصل و التكامل بين أجيال المبدعين

بماذا تختم ضيفتنا هذا الحوار؟
أريد القول أن الشباب يمكن له أن يبدع في كل المجالات  وأن ينتج كتابات قيمة قد تختلف عن السابقين لأن الظروف ليست نفسها و الزمن متغير…. و لكن يظل الإبداع إبداعا و أرجو أن يكون هناك تواصلا و تبادلا بين الاجيال خدمة للإبداع والفن فكلٌ له طريقته و رؤيته.

ما هي آخر كتاباتك ؟


ها هو البرد يقرع الأبواب
أسمع موسيقاه
فاجعله اللّهم بردًا قارسًا يثلج الصّدر
اجعله اللّهم ودقًا كثيرًا يخمد نيران القلب
اجعله اللّهم شتاءً قاسيًا متحجّرًا كوجدهم
شتاءً داميًا كجثث موتانا
لأكتب بدمائهم رسالة حبّي
فقد رحل قبل أن تتحرر الكلمات
و قبل أن تنبت لي يدان أكامعه بهما
فلم يحاوطه حضني سوى ساعة احتضار
فاقطع أياديهم يا الهي
لقد سرقوا منّي الحياة
و ما جزاء السّارق في شرعك ؟
و اقطع لساني فما حاجتي اليه و قد خانني لحظة الافصاح ؟
لقد جاء الشّتاء
و ها هي الأرماء تستعدّ لتطهّر الأرض من خطاياهم
أو هكذا اعتقدنا قبل أن نكتشف أنّها حقيقة تنتحب من أجله
فانتقم لسيلها يا الله
و خذ بثأره و ردّ عليهم في شأنه
الهي شقّ أرضك
و ادفن فيها مقدسك
و ارفع صوت المؤذّن
و اعلن النّهاية
نهاية هذه المجزرة
فما عدت أتحمّل خسارة أخرى
و لا شهادةً أخرى
و لا رائحة دم أخرى تفوح منّي
الهي رفقا بي في أيّام شتائك
فآخر غطاء يدفّيني تلحّف به العريس
فكان رداء الموت
و آخر شرارة كانت على هذه الأرض أخذها معه
إلهي استبدل كلماتي سامًا
و لمساتي خنجرًا
إلهي إمنحني قوّةً و صبرًا
إلهي أرجعني وحشًا أقودهم جميعًا إلى جحيمك
ليتفرّد وحده بفردوسك
إلهي خذهم جميعًا و أنسَني و أعده وحده
إلهي أذقهم جميعًا حنظل الفقد
و اجمعني و إيّاه حيثمَا شئت
إلهي أتيتك بشتائي و فراغي و بردي
أبحث عن الدفء في عدلك
فاعدل يا إلهي و أذقهم جميعًا مُرّ حسامهم
و أعده لي و يدايَ و لساني لأُكفّر عن ذنبي
اعدل يا إلهي فقد يأتي الصّيف و شتائي لم يرحل بعد

 L-univers

L-univers

Journal électronique traitant des affaires étudiantes, de la vie universitaire, des services universitaires et des activités communautaires

Shopping Basket