حوار مع المفكر البحريني الكاتب والخطيب الشيخ صلاح بن يوسف الجودر : بعد جائحة كرورونا سيولد نظاماً عالمياً جديداً وتعتبر تونس أرضا خصبة للاقتصاد والاستثمار والسياحة فيجب الاستفادة من التنوع الديني الذي تتميز به

أنوار جامعية نيوز / حاوره حافظ الشتيوي

قد لا يعرفه الكثير من القراء والمتابعين للشأن الثقافي والاجتماعي والديني في تونس ولكنه ذو صيت عالي في العالم العربي وشخصية مؤثرة وبارزة على المستوى الفكري والديني والاجتماعي والاعلامي في مملكة البحرين فمن هو صلاح بن يوسف الجودر ؟

 يعتبر الشيخ صلاح بن يوسف الجودر أحد الشخصيات الفكرية والدينية المرموقة في مملكة البحرين فهو عضو مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي وخطيب جامع الخير بالبحرين وكاتب بصحيفة الأيام البحرينية وعضو بجمعية الصحفيين البحرينية وعضو مجلس بلدي سابق وعضو أيضا باللجنة الاقتصادية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة سابقا وباحث في التراث الإسلامي والبحريني الأصيل وهو ممثل الجامعة الإسلامية أون لاين(IUO) و مؤسس طاولة الحوار البحرينية للأطياف، والأديان والثقافات(BRDSRC) المنامةبمملكة البحرين ومؤسس مراكز تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة المحرق العام 1988.

له عديد المؤلفات منها ما نشر ومنها ما هي تحت الطبع نذكر من بينها قاضي المحرق، البحرين سنة  1999. و الدرة الجوهرية، البحرين سنة  1999. ومساجد المحرق تاريخ وآثار، بيروت سنة 2003 ،  ومقالات الاصلاح السياسي، دار الفارابي، بيروت سنة 2012. و مقالات الوعي الوطني، دار الفارابي، بيروت سنة 2012.
ولأن الشيخ صلاح الجودر يحمل مشروعا وطنيا كبيرا لتعزيز المواطنة الصالحة القائمة على الوحدة الوطنية والعدالة والتعددية والتعايش السلمي و يسعى للتقريب بين السنة والشيعة ومحاربة الطائفية، ويدعو للحوار مع الحضارات كان لنا معه هذا الحوار الشيق :

1-  وحدت الكورونا الم الشعوب وخوفها في كافة اقطار العالم فكيف ترون العالم ما بعد الكورونا؟

بلا شك ان الكوارث والحوادث والازمات تغير وجه البشرية، فبحجم المأساة والم الشعوب تتغير العلاقات البشرية ونمط الحياة، ولا يخفى على أحد أن البشرية قبل جائحة كورونا المستجد (كوفيد 19) كانت تعاني من من الصراعات والنزاعات والحروب، بل كانت تعاني من  سموم الافكار الضالة والجماعات الارهابية المؤدلجة، وجاءت تلك الجائحة مع بدايات هذا العام 2020م لتستهدف الجنس البشري دون النظر الى عقائد الناس ومذاهبهم وافكارهم، لذا كان من الضروري العمل المشترك لمواجهة وباء القرن الحادي والعشرين، ولا يكون ذلك الا بالعمل الجماعي، وقد تحقق ذلك حين استشعرت البشرية خطورة العدو الذي يستهدفها، وأعتقد أن هناك نظاماً عالمياً جديداً على وشك الولادة، سترى ملامحه بعد زوال هذه الجائحة.

التعايش بمفهومه الشامل لا يعني ذوبان دين في آخر، أو تنازل عن معتقد، ولكن أن يتعايش الناس باختلاف عقائدهم تحت ظل الدولة

2-  كيف يساهم التعايش الديني في دعم استقرار الدول ودفع مسار التنمية والنأي بها عن كل مظاهر التعصّب والتطرّف والإرهاب؟

يجب أولاً أن نعي بأن البشر جميعها من آدم، وآدم من تراب، وأن الديانات السماوية جميعها تعود الى نبي الحنيفية (إبراهيم عليه السلام)، وأن نبي الاسلام وخاتم النبيين (محمد صلى الله عليه وسلم) قد أسس ثقافة التعايش الديني مع النصارى واليهود والمجوس وغيرهم على هذين الاساسيين، الاخوة الانسانية والاخوة الايمانية، بل ووضع وثيقة المدينة (للتعايش السلمي) للتأكيد على ذلك، وقد سار الصحابة اجمعين على دربه واهتدوا بهديه، وأبرزهم الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه والذي اعطى أهل أيليا بفلسطين الوثيقة العمرية، فعصم أموالهم وارواحهم وطالب بعدم التعدي على كنائسهم وصلبانهم، وبما أن العالم اليوم أصبح قرية صغيرة فمن الضروري إعادة نشر ثقافة التعايش بين الناس، والتعايش بمفهومه الشامل لا يعني ذوبان دين في آخر، أو تنازل عن معتقد، ولكن أن يتعايش الناس باختلاف عقائدهم تحت ظل الدولة ودستورها وقوانينها، بهذا الوعي الانساني والثقافة يتم إيصاد أبواب التعصب والتطرف والإرهاب.

3-  كيف ترون مبادرة تونس في تشريك الأقليات الدينية في صياغة الرؤى الاقتصادية والثقافية للبلاد؟

أعتقد من المناسب والعالم اليوم يواجه جائحة كورونا المستجد إلى تبني سياسيات جديدة قائمة على الانفتاح على الآخر وقبوله، والعمل المشترك لمواجهة تلك الأخطار، لابد من تجاوز مفاهيم الانزواء والاحادية، ورفض مفهوم الاكثرية والاقلية، ودعم أسس المواطنة المتساوية بالمجتمع، واعتقد أن مبادرة تونس في تشريك الأقليات الدينية في صياغة الرؤى الاقتصادية والثقافية للبلاد مشروع رائد لتحقيق الرؤية المستقبلية لمجتمع آمن ومستقر، مع تعزيز التعايش بين أتباع الاديان، وتكريس حرية المعتقد والضمير، وأعتقد أن تونس العربية أرض خصبة للاقتصاد والاستثمار والسياحة ولا يتحقق ذلك الا بالاستفادة بالتنوع الديني الذي تتميز به تونس.

مبادرة تونس في تشريك الأقليات الدينية في صياغة الرؤى الاقتصادية والثقافية للبلاد مشروع رائد لتحقيق الرؤية المستقبلية لمجتمع آمن ومستقر

4-  هل في اعتقادكم تم صون الكرامة الإنسانية التي أقرتها جميع الديانات السماوية وأكدت عليها المواثيق الدولية؟

على المستوى الدولي أعتقد أننا في حاجة الى المزيد من العمل في هذا الجانب، فلا تزال هناك بقع بالعالم في حاجة إلى صون كرامة الانسان، ولا يمكن تحقيق ذلك الا بمجموعة من السبل ومنها اولاً سن التشريعات الكفيلة بحقوق الانسان، وأن يتم نشر الوعي المجتمعي لأهمية تلك الحقوق، ومراقبة تطبيقها وفق التشريعات السماوية والمواثيق الدولية، وضمان حرية الاعتقاد.

لا تتحقق السياحة بأنواعها العائلية والدينية والثقافية والعلاجية وغيرها إلا إذا تحقق الأمن والتعايش السلمي بين الناس.

5–  كيف يمكن ضمان حرية الاعتقاد والضمير للفرد والمجموعة في إطار روح الدستور ومبادئه؟

إن حرية الاعتقاد والضمير تكفلها جميع الشرائع والدساتير، وهي حقوق الافراد فيما يعتقدون وما يضمرون في صدورهم، فمن حق الفرد أن يؤمن أو لا يؤمن، وقد جاءت النصوص القرآنية ودساتير الدول للتأكيد على ذلك الحق، ولا لوصاية لأحد على الناس فيما يعتقدون، ولا يجوز إكراه الناس على دين او معتقد.

وقد جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للمساواة في الحقوق، ومنها حق المعتقد والضمير، لذا تكفل الدول تلك الحقوق وتصونها، فتدافع الدولة عن حرية المعتقد والضمير من خلال نشر الوعي المجتمعي، واقامة الفعاليات المشتركة بين مكونات المجتمع باختلاف عقائدهم وافكارهم لنشر هذا الوعي، كل ذلك حتى لا يجهل المجتمع بمكوناته وشعائرهم وطقوسهم.

6-  هل يمكن من خلال المناهج التربوية والخطاب الديني والإعلامي تفعيل مبادئ العيش المشترك والنأي به عن كل توظيف؟

اعتقد من الأهمية نشر ثقافة العيش المشترك من خلال المراكز المؤثرة بالمجتمع، وبالتوازي مع بعضها البعض ومنها:

  • أولاً المنابر الدينية ومحاريب المساجد، وذلك ما للخطاب الديني من تأثير كبير في نفوس الناس، خاصة في فترات الاقبال على الله أثناء خطبة وصلاة الجمعة والصلوات المكتوبة، وذلك بالآيات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة وسيرة النبي وأصحابه في التعامل مع المختلف معهم عقائدياً.
  • ثانياً منصات الإعلام، وتلك المنصات لها تأثير كبير عبر قنواتها المرئية والمسموع والمقروءة، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت شريك رئيسي في نقل المعلومة والخبر.
  • ثالثاً محاضن التربية والتعليم، وذلك من خلال المناهج المدرسية، والانشطة المدرسية واللاّ صفية، فيجب أن يتغذى الطلبة بمدارسهم ومعاهدهم من ثقافة العيش المشترك والتسامح وقبول الآخر، والتي يجب تطعيمها بحقوق الإنسان، خصوصاً في ظل المتغيرات التي يشهدها العالم اليوم.

7-  تم اقتراح تكوين المجلس الأعلى للأديان ولكن لم يتم تفعيله فلماذا يا ترى؟

نعم وأعتقد أن هذا المقترح طرح في العام 2018م بمدينة جربة التونسية، وهو في حد ذاته مشروعاً تقدمياً رائداً يجمع أتباع الأديان للتعايش كما كان عليه المجتمع الاسلامي الاول في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا المشروع اعتقد أنه لم يتم تفعيله، ولست على علم عن أسباب عدم تفعيله،وحسب متابعاتي للمراكز التعايشية بالمنطقة فهناك ثلاثة مبادرات قد حققت الكثير في هذا الجانب، ومنها:
– اللجنة العليا للأخوة الإنسانية ومقرها مدينة أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة.
– مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي ومقره مدينة المنامة بمملكة البحرين.
– مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ومقره مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية.

8-  متى يكون التعايش الديني سند للتنمية والاستثمار ودعم للسياحة الدينية والثقافية؟

ندوة الشأن المحلي والتأثير الإقليمي بمجلس عبدالله باقر بالرفاع

لا شك أن التنمية والاستثمار هما دعائم الاقتصاد، ولا يمكن تحقيق المشاريع التنموية المستدامة دون اقتصاد قوي، وكذلك في الجانب الآخر التعايش الديني عنصر رئيسي لاستقرار المجتمعات، لذا من الأهمية تعزيز التعايش والابتعاد عن التنافر والتصادم، فالمجتمع الآمن المستقر هو قبلة رجال الأعمال والمال، ولا تتحقق السياحة بأنواعها العائلية والدينية والثقافية والعلاجية وغيرها إلا إذا تحقق الأمن والتعايش السلمي بين الناس. لذا اعتقد من المناسب اقامة اللقاءات وطاولات الحوار بين المعنيين بالشأن الديني من جهة ورجال التنمية والاستثمار من جهة أخرى لتعزيز السلم الأهلي بين أتباع الأديان.

شهدت البحرين قبل عشرين سنة حراكا ثقافيا وطفرة كبيرة في جميع المجالات ووجه التشابه بين البحرين وتونس كبير.

9-  ما هي الملامح الثقافية وتطورها في مملكة البحرين؟

لتقريب صورة المجتمع البحريني أعتقد من المناسب الحديث عن تاريخ الوعي الجمعي والثقافي بالبحرين، فهذا المجتمع العروبي على ضفاف الخليج العربي عمره أكثر من خمسة آلاف سنة، فقد شهد حضارة دلمون وتايلوس وأوال، وجاءت الحضارة الاسلامية لتعزز تلك الجوانب الثقافية، وقد شهد قبل عشرين سنة طفرة كبيرة في هذا الجانب وذلك مع تولي مقاليد الحكم جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي وضع أسس الثقافة بالبحرين، فقد نالت البحرين جائزة منظمة الاسيسكو للتربية والعلوم والثقافة 2018م، وكذلك نالت عاصمة السياحة العربية 2019م، وجائزة الاغا خان 2019 م وغيرها كثير، وجميع تلك الجوائز تؤكد مستوى الحراك الثقافي الذي تشهده البحرين.

10–      هل زرتم تونس وما هي أهم ما يختزله ذاكرتكم عن شبعها وتاريخها وثقافاتها؟

مع الاسف الشديد لم تتح لي الفرصة لزيارة تونس الخضراء مع حبي لها لما تملكه من مخزون ثقافي كبير، ولا اخفيك سراً أن لي اصدقاء كثر سواء المقيمين بالبحرين أو من هم بتونس، ولكن انطباعي عن تونس وأهلها انهم منبع الثقافة العربية ومركز التواصل بين الشرق والغرب الأوروبي، ومتى ما سنحت لي الفرصة بلا شك سأكون على أرضها وبين أهلها العروبي، واعتقد أن وجه التشابه بين البحرين وتونس كبير.

 L-univers

L-univers

Journal électronique traitant des affaires étudiantes, de la vie universitaire, des services universitaires et des activités communautaires

Shopping Basket