أنوار جامعية نيوز لينا بن يوسف
حين تتضارب الأفكار بين الواقع الأليم والحلم الأوروبي المنشود في مسرحية “المهاجران” لحافظ خليفة
يقال كثيرا عن المسرح حيث لا نجد نهاية للوصف فهو لذة الحياة لمن يفقدها والعرض الذي يصنع ليتجاوز الواقع وهو الفضاء الرحب لتعزيز الأخلاقيات والأفكار أو تغييرها..
في هذا الإطار قدم لنا المخرج التونسي “حافظ خليفة” عرضا لمسرحية “المهاجران” للممثلان “جلال الدين السعدي”و “صلاح مصدق”أيام 21 و22و23 أكتوبر 2022 بدهليز دار الثقافة إبن رشيق بتونس العاصمة وهي من اقتباس الكاتب لسعد بن حسين عن من النص الأصلي “سلافومير ورجيك” واخراج حافظ خليفة
بدأ العرض في النور، داخل دهليز ضيق، وهذا ما جعل الجمهور يتساءل منذ البداية عن سبب عرض المسرحية في الدهليز، فالسائد عند الجمهور أن العروض المسرحية لا تقام إلا على الركح كما إعتدنا مشاهدتها من قبل ومع ذلك كانت قاعة العرض ممتلئة، وتابع الجمهور كامل تفاصيله بأفواه مبتسمة وأعين شاردة الطريقة الاخراجية ل”حافظ خليفة اتلتي أراد أن يخرج بنا عن المألوف من أجل تقريب الصورة أكثر للمتفرج ، و ما إن تتعمق في المسرحية إلا تشعر بالانبهار بأن الدهليز شكل في حد ذاته ركيزة من ركائز العرض .
وتدور أحداث المسرحية حول شخصيتان متناقضتان إيديولوجيا هاجرا من بلادهما، نظرا للظروف الإجتماعية القاسية التي أجبرتهم على المغادرة،كذلك خيبة أمل من الثورة التي كانت تعد بوعود زائفة. فقد ركز في هذا العرض على التناقض بين ثنائية تعارض الأفكار بين مثقف وآخر ذو شخصية ساذجة لا يحلم سوى بجمع أموال طائلة في فوضى الخذلان والأحلام المتهاوية. ليلتقيا في ليلة رأس السنة الميلادية ويتبادلا الأفكار المتناقضة حول وضعيتهما المزرية.
تطرح لنا المسرحية قضيتين أساسيتين، القضية الإجتماعية التي تدفع بالمواطن إلى الهجرة للهروب من الواقع الذي يعيش فيه ، وأخرى قضية أساسية وهي تضارب المشهد السياسي الذي انعكس سلبا على الحياة الإجتماعية للمواطن التونسي الذي دفع به في آخر المطاف إلى الهجرة والعيش في مكان لا يليق بنخبة مثقفة ومن هذا المنطلق اختار “حافظ خليفة” اسم العرض”المهاجران” ليؤكد على المزج بين الوازع الفني والوازع الإنساني فينا وعلى الحب والحنين للوطن، والمجازفة من أجل عيش حياة كريمة في آن واحد.
وفي الأخير يمكن القول أن للمسرحية قراءات متعددة ورسائل أشمل وأعمق من كونها عمل فني، إذ تتجاوز ببساطة العمل الفرجوي السطحي لتسمو نحو الكشف عن قضايا إجتماعية وسياسية يعيشها أغلب التونسيين داخل واقع سياسي مخضرم يدفع بشعبه إلى الشتات وإلى تكرار الخيبات والإنكسارات.