في يومها العالمي: لغتنا العربيّة… تستغيث بقلم الإعلامي سليم بودبوس

أـنوار جامعية نيوز / سليم مصطفى بودبوس

الاعلامي سليم بودبوس

نحتفل في 18 ديسمبر باليوم العالمي للغة العربية؛ حيث أعلنت الأمم المتحدة من خلال اجتماعات المجلس التنفيذي لليونسكو اعتماد هذا التاريخ من كل عام يوماً عالميّاً للاحتفاء باللغة العربية، أُسوةً باللغات الأخرى (اللغة الإنجليزية 23 أبريل/ نيسان، الفرنسية 20 مارس/ آذار، الروسية 6 يونيو/ حزيران…). وليس اختيار الثامن عشر من ديسمبر محض صدفة، وإنّما هو اليوم الموافق لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتماد العربية لغة رسميّة ولغة عمل للمنظّمة، إلى جانب اللغات الأخرى.

لكن من اللافت للانتباه على أيامنا هذه تعدّد استعمالات اللغة العربية في العالم العربي؛ فبعد موجة اللهجات المحلية وطغيان العامية على الخطاب اليومي والرسميّ أحيانا كاختيار إيديولوجي أو لمجرد ترسيخ للهويات المحلية الضيقة، وبعد سيطرة اللهجات العامية على الخطاب الإعلامي في معظم الدول العربية نعيش إيقاعا نشازا للغة العربية اليوم!

فمع الطفرة الالكترونية الحديثة، والإقبال الكبير على التحادث من خلال مواقع التواصل الاجتماعي شهدت اللغة العربية وجهة جديدة تستحق العناية والدراسة العلمية المركزة من قبل المختصين لمزيد التوغل في دراسة هذه الظاهرة وأقصد التحول الجديد لاستعمالات اللغة العربية عبر الهواتف  المحمولة ولا سيما الذكية منها بما يتوفر فيها من إمكانات التواصل الشفوي والمكتوب من خلال الرسائل النصية أو من خلال الرسائل الالكترونية عبر البريد الالكتروني أو من خلال برامج المحادثات…

مع انطلاق ظاهرة الرسائل الالكترونية منذ سنوات استبشرت خيرا وقلت ها نحن نعود إلى فن التراسل باستعمال الوسائل الحديثة وأكيد أنها ستجذب التلاميذ إلى الكتابة باللغة العربية، بل كنت من أول من دعا تلاميذه إلى التراسل باللغة العربية عبر البريد الالكتروني حين تدريس فن الرسالة في الإنتاج الكتابي.

لكن ومع استحداث برامج المحادثات السريعة المباشرة عبر برامج التواصل الفوري بدأت تظهر عادات لغوية غريبة تهدد اللغة العربية ومستعمليها من الطلاب وعامة محبي اللغة العربية؛ إذ صرنا نقرأ لغة هجينة لا هي بالعامية ولا الفصيحة، لا هي شرقية ولا غربية، اختلط فيها الحابل بالنابل فراح المتحادثون يختصرون ويرمّزون ويحذفون ويغيّرون حتى غدا كلامهم طلاسم كالسحر لا يفقهه إلا الراسخون في «الفايس بوك» وما هؤلاء بقليل.

ولمّا كانوا كُثْـرًا وكان الحال على ما نرى ونقرأ، كان لابد أن نعلنها صيحة فزع.
ولعلّك لا تحتاج إلى أمثلة فيكفي زيارتك للمنتديات الطلابية أو المحادثات التي تدور بينهم آناء الليل وأطراف النهار لتعرف مدى الخطر الذي يتهدد هويّتنا اللغوية، صحيح أن من احتياجات العصر الحديث السرعة والترقيم لكن لماذا يكون ذلك على حساب ما هو أهمّ على حساب اللغة الأمّ؟
إني أحاول أن أحصي الدقائق التي يستمع فيها المتعلّم العربي اليوم إلى اللغة العربية فلا أكاد أحصيها لا لكثرتها وإنما لقلّتها بل لِنُدْرتها، ويمكنك أن تلاحظ عدد الرسائل على الموبايل أو المحادثات اليومية التي تتم بهذه اللغة الجديدة الهجينة الغريبة، فماذا بقي لاستعمال اللسان الفصيح سوى امتحان اللغة العربية أو بعض المواد التي تعتمد العربية آنذاك لا نتعجب من تراكيب سقيمة وألفاظ هجينة وأخطاء إملاء تفوق الخيال وتتعدى المحال.

حقا أكاد أسمع اللغة العربية تستنجد وتستغيث: أن أنقذوني…فمتى ترتعد الفرائص… وتضطرب الأنامل… وتتفطر القلوب الحية النابضة بحب اللغة العربية؟متى تنتفض بعض العزائم… و تتحرك بعض العقول لإيجاد الحلول؟

 L-univers

L-univers

Journal électronique traitant des affaires étudiantes, de la vie universitaire, des services universitaires et des activités communautaires

Shopping Basket