” كورونا… كفاية ” بقلم آمنة باشا أستاذة الأدب العربي

أنوار جامعية نيوز / بقلم آمنة باشا أستاذة الأدب العربي

آمنة باشا

وبعدُ يا”كورونا” هلّا اكتفيت بما حصدت من أرواح ومايتّمت من أبناء وما رمّلت من نساء؟ألمْ تكفِك  أنهار الدموع التي سالت من عيون الثكالى والأرامل؟ ألمْ تروِ غليلك بعد كل تلك الارواح؟ لقد اقتحمت حياتنا، واستوطنت فيها وأطلْتِ البقاء كضيف غير مرغوب فيه، فهلا رحلت غير مأسوف عليك؟

لقد قلبت حياتنا رأسا على عقب، وسجنتنا داخل بيوتنا وتحكمت في حركاتنا وسكناتنا… فمتي ستمضين كأن لم تكوني؟ متي تفكين أسرنا وتعيدين لنا حريتنا المسلوبة؟

لقد طال الانتظار وضاقت بنا الجدران وبتنا أسرى الهواجس والمخاوف والأفكار، ولم نعد نثق في الهواء الذي نتنفسه، ولا في أي إنسان نتحدث معه، ولا حتى في الأرض التي تطؤها أقدامنا…

لقد حاصرتنا وملأت قلوبنا خوفا من فقدان من نحبّ، واكتشفنا كم هو مؤلم ومخيف أن نفكر في فقدان عزيز،وعلمنا كم كنا نعيش في اطمنان ونحن نتناسى محاصرة الموت لنا ولأحبابنا في كل حين..

إنك امتحان عسير نعيشه بكل مرارة فليس أصعب علينا من فقدان الثقة في كلّ شيء وفي كل شخص نتعامل معه… لقد صرنا نعيش في برود تام، لاسلام ولا عناق ولا أحضان..بل عزّ اللقاء بين الأحباب، فكم من أم ومن أب احترق قلبهما شوقا للقاء الابن المغترب ولم يستطيعا ملاقاته منذ أن حل هذا الوباء بالبلاد! وكم من طبيب آثرَ البقاء في مكان عمله لرعاية المرضى رغم قرب سكناه تجنبا لانتقال عدوى المرض! وكم من حفيد ترعرع في حضن جدته وهو الآن محروم حتى من زيارتها خوفا على تلك المسنة من إمكانية الإصابة، وكم وكم…

فمتى أيها الضيف الثقيل سترحل عنا؟ لقد نغصت حياتنا وقتلت فينا الإحساس بجمالها ولذتها وباتت أيادينا مرتعشة ونظراتنا حزينة، ومع كل خبر وفاة يصلنا تمتلكنا قشعريرة يصعب وصفها، ليس اعتراضا على مشيئة الخالق.. معاذ الله؛ فالموت علينا حق، ولكنّه الإحساس بالضعف والعجز حتى عن إكرام ذلك الفقيد وتوديعه حسب العادات الإسلامية، والتي ربّما لم نكن ندرك قبل الكورونا أهميتها ودورها في شد أزر أقاربه وأحبابه… فشتّان بين أن يغسل الميت ويكفن في بيته وبين أهله وتصلى عليه صلاة الجنازة… وبين أن يوضع في كيس بلاستيكي ويدفن والكل ينفر منه كجرثومة لابد من التخلص منها…

فإلى متى يا كورونا سيدوم هذا الأنين؟ ولِمَ كلّ هذا التعنّت؟ لماذا لا تغادرينا حتّى تُرْفَعَ ستائر الحزن عن نوافذ الناس المُتعبين؟

إنّ ذلك اليوم لآتٍ  لا محالة لأنّه ومع كل ما فعلته بنا وما ستفعلين لن تطفئي  نور الإيمان في قلوبنا التي وكلت أمرها لله تعالى؛ فهو المدبر وهو سبحانه الذي لن يخيب ظن عباده المتضرّعين، المتوكلين عليه، المخلصين له في الدعاء في كل لحظة  آملين أن يرفع عنهم هذا الوباء وهم في غاية الاطمئنان لان الذي يلجأ إلى الله بقلب صاف سليم لا يرده مكسورا وهو القائل سبحانه وتعالى” وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿87﴾ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴿88﴾” من سورة (الأنبياء) صدق الله العظيم.

فيارب أنت القريب وأنت الصاحب والحبيب وأنت الوحيد المجيب وأنت الشافي والطبيب وأنت الذي تعلم ما نريد… اللهم ارحم ضعفنا وآمن روعنا وأسْعِدْ قلوبنا وفرِّجْ همومنا واصرف عنا هذا الوباء بحق بركة هذا الشهر الفضيل… اللهم آمين.

 L-univers

L-univers

Journal électronique traitant des affaires étudiantes, de la vie universitaire, des services universitaires et des activités communautaires

Shopping Basket