“ما وراء السطور” قراءة متأنية لمراسلة قيس سعيد لرئيس الحكومة

أنوار جامعية نيوز / حسن السوداني – تونس

حسن السوداني

لا افهم تهافت الكثيرين على صورة الرئيس قيس سعيد وعلى خطابه الموغل في التاريخ العربي الإسلامي  و السخرية من البروتوكول نفسه والذي يمثل تواصلا مع المراسلات الإسلامية منذ عصر الخلافة حتى سقوط دولة البايات

الصورة النمطية التونسية الحديثة أو الصورة المثلى بالنسبة للكثيرين كانت للحبيب بورقيبة المثقف الفرنكوفوني ذو العيون الزرقاء و باني الجمهورية الاولى على النمط الفرنسي و بتوجيهات فرنسية وتقنيات تواصل ومراسلات فرنسية.
و لم يكن بن علي ليشذ كثيرا على ميراث بورقيبة فلم يحدث في الأمر بدعة وترك الأمور على ما وجده وكذلك الامر لمن أتى بعد الثورة.

ولكن اليوم تحمل لنا رسالة قيس سعيد إلى رئيس الحكومة المشيشي رسائل أخرى بين السطور لم يجهر بها في حملته الانتخابية ولكنها بدأت تبرز للعيان مع تصلب المواقف و حالة التشنج العامة .. فمضمون الرسالة باختصار أن الرئيس هو حامي الدستور وأنه صنو الشرف وحامل الأمانة ولن يسمح بنقطة فساد مادام على رأس الدولة، ولن يقبل وزراء في رقبتهم قضايا فساد أو حتى شبهات فقط كذلك تضمينه لآيات الوعيد و تذكيره بالقسم على المصحف الشريف هو إعادة الدولة التونسية إلى الأصل وهو الانتماء إلى حضارة كان الشرف و العهد اهم شعاراتها خصوصا عند الاحتكام إلى كتاب الله و الكل يعلم تشبه الرئيس التونسي بالفاروق عمر بن الخطاب و رغبته في سن العدل و الخوف من الحساب إذا قصر قيد أنملة في واجبه وحديث البغلة اكبر دليل على ذلك .

و الخط المغربي المستعمل في المراسلة يحيلنا إلى الأناقة فهو من اجمل الخطوط العربية وكان يستعمل في المراسلات وفي التدوين في بلدان المغرب الإسلامي . وكأنه بقيس سعيد يلمح إلى الفخر بالانتماء إلى سلسلة حكام مروا على هذه البلاد منذ الفتح الإسلامي إلى دولة الاغالبة و العهد الحفصي والفاطمي و العثماني .

وكأن الرئيس قيس سعيد يسعى أيضا إلى إعادة تأصيل كيان في طريقه الى الاندثار ،فهو يذكرنا بالهوية الحقيقية للمجتمع التونسي الذي كادت تعصف به الثورة وتنقلب الى لعنة عوض أن تكون نعمة . ولو قرأنا أدبيات من سخر مما ورد في خطابه أو في الفيديو المرافق للمراسلة فلن نجد الا بعض التهكم على أسلوب الرئيس في الكلام أو التصاقه بالتاريخ القديم وكأنهم يعيشون عصرا متطورا وحداثة عظيمة وهم في أغلبهم يحنون إلى الماضي أن كانوا اخوانا أو يساريين أو تجمعيين.

  إن الصراع في أعلى سدة السلطة بين رئيس الحكومة و رئيس مجلس النواب و رئيس الدولة يعكس خورا حقيقيا نتيجة دستور صيغ على مقاس العالم المتقدم فلا صلاحيات كاملة لأي طرف والكل يريد الانفراد بالسلطة .. والشعب مازال يرزح تحت نير البطالة و التضخم و شبح الفقر والحل في إعادة النظر في الدستور فلسنا شعبا تليق به الديمقراطية على النمط الغربي بل نحن كما قال ابن خلدون تجمعهم طبل وتفرقهم عصا.

 L-univers

L-univers

Journal électronique traitant des affaires étudiantes, de la vie universitaire, des services universitaires et des activités communautaires

Shopping Basket