مسرحية “البخيل “بمهرجان نيابوليس بنابل “حين تتحول الحنفيات إلى عمل فني”

أنوار جامعية / حافظ الشتيوي

لا تزال عروض الدورة الثانية لأيام قرطاج لفنون العرائس تفاجأ الجمهور بما اقترحته من عروض تمثّل تجارب ومدارس مختلفة لهذا الفن البديع، فبعد استعمال المحارم الورقية وأكياس البلاستيك وتحويلها لشخصيات تحكي قصصا مختلفة وتطرح مواضيع هادفة وعميقة، تفاجأ الجمهور مساء السبت 21 ديسمبر بما جاء في عرض “البخيل” لفرقة تابولا روسا الفرنسية.

العرض احتضنه مسرح الجهات بمدينة الثقافة بعدما كان الجمهور على موعد ثان في الساحة الكبرى مع المجري بنس سركادي وقصصه القصيرة المشوّقة والساحرة يحكيها من خلال عرائسه وهي ترقص على موسيقى فلكلورية وعصرية تفاعل معها الأطفال الذين صاروا جزءا من العرض.

“البخيل” عرض ينتمي لمسرح الأجسام وهو موجّه للكهول والناشئة مقتبس عن رواية كلاسيكية للكاتب المسرحي الفرنسي موليير تحمل نفس العنوان وتعتبر من أشهر أعماله على الإطلاق حيث اشتغل عليها اقتباسا مئات المسرحيين من كلّ الجنسيات… المدهش في هذا العرض أن أوليفي بونوا وميكال فلاردو لم يصنعا عرائس على هيئة آدمية لتشخيص الحكاية وإنما استبدلا أجساد الممثلين بعناصر جامدة هي الحنفيات والصهاريج والأنابيب وبما أنّ كلّ هذه العناصر على علاقة مباشرة بالماء فسيكون هو الكنز الذي يخفيه هارباغون عن عائلته ويحرمهم من التمتّع به.

تكشف المشاهد عن علاقة تجمع بين إليز ابنة البخيل وخادمه فالير وعن ترددهما في كشف تلك العلاقة للأخ كاليانت الذي يعيش بدوره قصة حبّ مع ماريان التي يرغب الأب البخيل في الزواج منها ويسعى لتزويج ابنته من جنرال الماء لتتعاظم ثروته المائية.

هارباغون يخفي ثروته (الماء) في صهريج بعيد عن الأعين ويتفقّده من حين لآخر، لكن تشاء الصدف أن يكتشف ابنه كاليانت تلك الثروة ويسرقها…

قصة “البخيل” معروفة ومقروءة حتى في الكتب المدرسية، لكن الجديد في عرض “البخيل” الذي تابعه جمهور أيام قرطاج لفنون العرائس تمثّل في تلك الكتابة الكوميدية التي كان الماء محورها والأساس الذي قام عليه الحوار والسينوغرافيا وكذلك في الشخصيات التي كانت رؤوسها عبارة عن حنفيات مختلفة الأشكال والأحجام، فالأب/البخيل بما أنه الأكبر فقد رأسه في شكل حنفية قديمة من النحاس، والإبنة حنفية المطبخ والإبن حنفية الحمام وجنرال الماء حنفية البانيو…

لم يتوقّف الجمهور لحظة واحدة عن الضحك والدهشة خلال هذا العرض الطريف والخارج عن المألوف الذي تواصل على امتداد خمس وسبعين دقيقة. هذا العرض أنتجته فرقة تابولا راسا التي تأسست سنة 2003 ببرشلونة من قبل أوليفي بونوا وميكال فلاردو، والطريف في الامرأن “البخيل” هو أول عمل لهذه الفرقة وقد لاقى نجاحا باهرا جعله يُعرض منذ سنة 2003 إلى الآن في أكبر مهرجانات العرائس في العالم، ويركّز الفريق عمله بالأساس على مسرح الجماد حيث تلعب الأشياء دورا مركزيا وتُمكّن من تبليغ الأفكار عبر الإيحاء علما وأن هذا النوع من مسرح العرائس يتطلّب الكثير من الحنكة والدقة والنظرة الثاقبة خاصة وأن فرقة تابولا راسا تقوم باقتباس الأعمال الكلاسيكية الشهيرة على غرار روايات فونتان أو قلب الكلب لميخائيل بولغاكوف…      

 L-univers

L-univers

Journal électronique traitant des affaires étudiantes, de la vie universitaire, des services universitaires et des activités communautaires

Shopping Basket