أنوار تونسية / بقلم سالم العقربي
مسرحية “الكونتاينر” لحافظ خليفة سفر في المجهول وقساوة المتاجرة بالبشر في رحلة الحلم المنشود
في إطار تظاهرة ملتقى مراكز تونس الكبرى للفنون الدرامية والركحية تمّ يوم الاحد 14 نوفمبر 2021 عرض مسرحية “الكونتانير” للمخرج المبدع المجدد والمتجدد على الدوام حافظ خليفة من إنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بمنوبة.
العرض اقتباس وترجمة لحافظ خليفة عن نص انقليزي أصلي للكاتبة كلاري بايلاي. العرض مختلف واللعب مغاير، النص حارق وقد طوعه حافظ خليفة ليتحدث عن الآن وهنا من مشاغل ومعاناة الشعوب المقهورة والمهمشة والباحثة عن حلم آخر للحرية وآفاق أخرى للحياة من خلال “كونتاينر” سعى الجميع من جنسيات مختلفة من العالم الثالث للهجرة الشرعية والغير شرعية،
الكونتانير هو الملاذ وهو وسيلة الهجرة والهرب من بلدان فقيرة ومفقرة وبلدان تكاد تنعدم فيها الحرية إلى حلم منشود وحرية قد يجدونها في الضفة الأخرى. يقع استغلال المهاجرين السريين من طرف مهرّب تركي وهنا يفتح لنا حافظ خليفة من خلال هذا المهرب التركي موضوع المتاجرة بالبشر من جهة ومن جهة أخرى دور الأتراك في الهجرة الشرعية وكذلك الإيحاء بدور تركيا الحالي في المنطقة. نتعايش مع مأساة كل شخصية ونتابع مصيرهم المجهول في رحلة الكونتاينر ويكون الجمهور هنا فاعل ومفعول به خلال العرض حيث يصبح الركح ركحان الأول الكونتاينر وما حمله من مهاجرين سريين والثاني هو الجمهور المهاجر خلسة دون أن يعلم فيقترب المتفرج أكثر من رائحة الكونتانير وزفرات وتنفس الممثلين وتلعب هنا الإضاءة الإختيارية للمخرج حيث يلعب الممثل دور الممثل والتقني في نفس الوقت حيث تغيب الإضاءة الركحية تقريبا وتعوضها المصابيح اليدوية بيد كل ممثل ويصبح الجمهور مشاركا في هذه الرحلة الإنسانية في حاوية شاحنة بضائع إذ نشاهد وجود المتفرج الجمهور الذي أصبح جزءا من الرحلة ومهاجرا سريا يعيش تجربة الهجرة الغير شرعية بكل تفاصيلها.
برافو للممثلين البشير الصالحي، أميمة المحرزي التي تأثرت بعد العرض حد البكاء، جميلة كامار، نادية تليش، رمزي سليم، عبد القادر الدريدي .
برافو مدير مركز الفنون الدرامية والركحية بمنوبة أيمن السعيداني على هذه المغامرة الدرامية وبرافو ايضا للفريق التقني للمسرحية رياض التوتي ، محمد دبيشي و فتحي الزمزي آدم الجبالي والتحية موصوصلة أيضا لتقنيي المسرح الوطني على الحرفية والاتقان.
برافو المبدع المجدد والمتجدد والباحث دائما عن المختلف والمنوع لأعماله وطرق الإخراج حافظ خليفة بفضلك وبفضل أمثالك من المبدعين الحقيقيين “على هذه الأرض ما يستحق الحياة” فحلّق مبدعا وباحثا في سماء العالمية وكن نبراسا للإنسان في كل مكان.
