مشهد غاب عنكم في حرب غزة ! بقلم قاسم القاسمي

أنوار جامعية نيوز / أ. قاسم القاسمي / شبكة الجزيرة الإعلامية – قطر

أ.قاسم القاسمي
مشرف مديري التصوير الخارجي – أخبار
إدارة عمليات التبادل الإخباري للجزيرة
قطاع عمليات الشبكة
شبكة الجزيرة الإعلامية


مشهد غاب عنكم في حرب غزة !

سؤالي لكم بداية :  كيف تابعتم حرب غزة و كيف تعاطف العالم معها و كيف تم تقييمها ؟؟
الجواب: حتما من خلال شاشات التلفزيون ، أي من خلال الصورة..

هذه الصورة لو غابت عن الشاشات لماتت الأحداث في مواقعها دون أن تخرج إلى العالم فيصاب حينها العالم بالعَماءِ في معرفة الحقيقة بمحلليه في شقيهم العسكري والإعلامي و بمُنظّريه، و لو حضرت الصورة لكنها لم تكن قريبة من الحدث لأصابت الضبابية تحليلات من ذكرتهم لأن التفاصيل تنقصهم.

لو غابت الصورة عن الشاشات
لماتت الأحداث في مواقعها

أي والله صحيح !! هذا ما قلتهموه أنتم الآن بعد أن غابت عنكم هذه الزاوية ربما، و هذا أمر عادي لأن المشاهد ليس مطالبا بالبحث كيف وصلت إلي بيته هذه الصورة ولكن من المؤسف أن تغيب هذه الحقيقة عن بعض الزملاء الإعلاميين لتتصدر مقالاتهم و تعليقاتهم بما فيها صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعى صور الزملاء المراسلين الذين غطوا الحرب وكانوا يظهرون على الشاشة (وهذا لا يُنقص أبدا من قيمتهم و لا من احترامهم شيئا وليس هذا المقصود طبعا ) دون الإشارة و لو من بعيد إلى المصور الصحفي ، فغيّبوه وهو الحاضر حتى عند غياب المراسل نفسه، ليضمن وصول الصورة على مدار الساعة .

المصور الصحفي ذلك الرجل العظيم الذي يحمل ثقلين أولهما ماديا وهو ثقل الكاميرا و ملحقاتها بما في ذلك جهاز البث المحمول وثانيهما معنويا و هو ثقل مسؤولية توثيق الحدث في الوقت و المكان المناسبين والذي لو فاتته هذه اللحظة تغيب حقائق بأكملها عن شاشة القناة التي يعمل بها وربما عن العالم بأسره فندخل في تخمينات و تأويلات أصحاب الجلالة المحللين لتكون مداخلاتهم حينها أشبه بقراءة الكف أو نقاشات بيزنطية تجانب الصواب بسبب غياب الصورة.

والخطورة التي لا يدركها البعض هي آلة “الجريمة” التي يحملها المصور الصحفي وهي الكاميرا والتي قد تكون سببا في تحديده ثم قتله من طرف من يريد قتل الحقيقة فيستهدف المصور الصحفي قبل أن يوثق اللحظة أو ليدفن الحقيقة معه إذا كان فعلا قد ثبت عليه توثيقها ولكم في ذلك أمثلة عديدة نستذكر منها على سبيل الذكر لا للحصر الزميل المصور الصحفي بقناة الجزيرة الشهيد “علي الجابر” لنترحم عليه بالمناسبة و على الزملاء الذين إستشهدوا بالميدان.

يجب أن يكون المصور جاهزا في أي لحظة
مثل الجندي في ساحة الحرب والعريس في ليلة الدخلة

ولا ننسى الهاجس الذي يؤرق المصور الصحفي وهو ضمان تشغيل الكاميرا في كل لحظة يعني الجاهزية في كل لحظة و يدخل في هذا الجانب العديد من النقاط منها الجاهزية الذهنية والجسدية في كل الظروف و منها الجانب اللوجستي كضمان أن تكون البطاريات مشحونة حتى لو لم يتوفر التيارالكهربائي وهو ما يحصل خلال الحرب أو في الأماكن البعيدة عن العمران ، وهنا لا بد من التأكيد أنه لا يوجد توتر ولا خذلان يصيب المصور الصحفي أقوى من عدم قدرته على تشغيل الكاميرا في اللحظة الحاسمة بسبب نفاذ شحنة البطارية و مثله هنا كمثل عدم قدرة الجندي على إطلاق النار في وجه العدو بسبب نفاذ الذخيرة أو كمثل عدم قدرة العريس على تشغيل السلاح ليلة الدخلة.

تفسيري الشخصي لمرض الزهايمر الذي يصيب بعض الزملاء في نسيان أو تناسي المصور الصحفي الشريك الميداني رقم واحد هي أسباب أولها خلفية الصحافة المكتوبة أو المسموعة للكثيرين والتي تربوا عليها و تطبعوا بها، ( وهذه الفئة تسمع تقاريرها بالسيارة أفضل من مشاهدتها على الشاشة) ثانيا غياب عقلية عمل الفريق لديهم بالرغم من إعتماد الشاشة على الصورة أساسا و ثالثا تصنيف إداري متكلس لم يجاري القنوات التي أدركت معنى العمل التلفزيوني فأنصفت المصور التلفزيوني والمونتير لأنهما شريكان أساسيان وذلك بكتابة أسمائهما على الشاشة عند كل تقرير إخباري و بالوثائقيات و البرامج طبعا.

إن عبارة “الصورة تغني عن ألف كلمة” ليست عبثا فلو إجتمع فطاحل اللغة بكل ما أوتوا من كلمات القاموس لما قدروا على اختراق قلب المشاهد و تحريك مشاعره الإنسانية بوصف مشهد اجتمعت فيه الأشلاء البشرية و رعب الأطفالوبكاء الأمهات و دموع الرجال..

و أعقب بالقول أن ثقافة الصورة بدأت تتلاشى وأخذت منعرجا خطيرا منذ أصبح في متناول الجميع امتلاك كاميرات أو موبايلات فساد الظن أن الجميع مصورين وهذا في حد ذاته موضوع يتحمل أن أعود إليه لاحقا .

وأختم بشكر فطاحلة الصورة جنود الخفاء و أسود الميدان في حرب غزة لمدة أحد عشر يوما و الذين وقع نسيانهم أو تناسيهم و كان لي شرف مقابلتهم في غزة في إحدى المهمات السابقة و هم المصورون:

محمود عبيد (شيخ المصورين ) حمدان الدحدوح / إسماعيل الزعنون /محمود عوض/محمود عبيد /ماهر أبو دقة/ إياد الدحدوح / سامر أبو دقة / و المساعدين: محمد كسكين و محمد بودقة/

و الزملاء في المونتاج رمزي السوالمة / و المنتجين :  خالد لبد/مؤمن الشرافي / رامي مسعود/ أحمد أبوجاموس/ صفوت الكحلوت/ماهر أبو قوطة

و المعذرة عن أي سهو خصل في أسماء الزملاء.

 L-univers

L-univers

Journal électronique traitant des affaires étudiantes, de la vie universitaire, des services universitaires et des activités communautaires

Shopping Basket