واحتفلنا بالعيد الوطني للمرأة.. ثمّ ماذا بعد؟ بقلم الاعلامي سليم بودبوس

أنوار جامعية نيوز / سليم بودبوس

ككلّ عام وبأشكال مختلفة نتغنّى بالمرأةالتونسيةفي الثالث عشر من أوت منذ إصدار مجلة الأحوال الشخصية مطلع الاستقلال.. إنّه العيد الوطني للمرأة التونسية.. فيه نستحضر الرائدات من الشخصيات النسائية على مرّ تاريختونس،ونروي الذكريات المجيدةعن أمهاتنا من شهيرات تونس، ويتغنّى الحبيب بزوجته، والابن بأمه والأخ بأخته…

وتتواصل الأفراح والمسرات هنا وهناك ولا سيما في مقرات الأحزاب وقصور الساسة؛ فمِنْ مُهنِّئ عبر بيان رسميّ إلى زائر لبعض السيّدات من الشخصيّات الرمزيّة أو النساء الكادحات، أو المريضات، إلى مستقبلوموسّم وموشّح ومُقبّل…إلخ. ثمّ يأتي الرابع عشر من أوت.. فماذا بعد؟

ينعت البعض هذه الاحتفالات السنوية بالأعمال الفلكلورية،بل ويرفضون حضورها حتى ولو جاء الدعوة من القصر الرئاسي، لأنها ببساطة تزيد من تكريس فكرة هشاشة المرأة وعدم مساواتها بالرجل أو تمييزها إيجابيا على حساب الرجل رغم تساويهما في الأداء والعمل فقط لأنها امرأة إذْ يقع تكريم هذه ولا يجري تكريم هذا لأنها امرأة وهو رجل لا غير، وهو ما يعزّز في نظر الكثيرين دونية المرأة.

إذن ما العمل؟ فإذا كُرِّمت المرأةُ انهالت الانتقادات، وإذا تجاهلنا هذا العيد المجيد ستقوم الدنيا ولن تقعد لما فيه من ارتداد عن مكتسبات المرأة التونسية؟

الحقّ أنّ المرأة التونسية لن نفيَها حقّها لا بالزيارات ولا بالاحتفالات الرسميّة ولا بالبيانات الحزبية الشعبوية…

الحقّ أيضا أنّ المرأة التونسية تبقى تاجا فوق رؤوسنا نفتخر بما حققته وتحققه وستحققه..

لكن الحقّ كل الحقّ أننا في حاجة إلى التفكير العميق والجادّ فيما بعد الثالث عشر من أوت.. نعم في حاجة إلى تطوير هذه المجلة تشريعيا..

الحقّ كل الحقّ أننا في حاجة إلى إعطاء المرأة العاملة المنهوبة والمسلوبة الحقوق في المصانع والمؤسسات الخاصة في بلادنا ما تستحق من التشريع والتنفيذ والمتابعة والمحاسبة لمن يستغل ضعفها وحاجتها..

الحقّ كل الحقّ أننا في حاجة ماسّة إلى النظر في ظروف عملهن ونقلهن في المناطق الفلاحية فنحن لا ننسى شاحنات الموت في المناطق الريفية وهي تنقل العاملات..

الحقّ كل الحقّ أننا في حاجة إلى العناية بصحتهن وصحّة أبنائهن فكيف نقبل بأن تأخذ المرأة / الأم مولودها مَيْتا في كرضونة ونحن في نهاية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين…

الحقّ كل الحقّ أننا في حاجة إلى العناية بتعليمهن وتعليم أبنائهن حتى لا ينحرف هؤلاء الأبناء وينقطعوا عن الدراسة؛ فمنهم من يرمي نفسه في البحر بحثا عن طوق نجاة في الضفة الأخرى،ومنهم من تأخذه طريق المخدرات فيعوق والدته ويضربها أو يجعلها عاملة أو متسوّلة من أجل أن توفر له ثمن السجائر والخمر والمخدرات..

الحقّ كل الحقّ أننا في حاجة إلى تثقيفهن وتربيتهن وتثقيف أبنائها وزوجها حتى لا تأخذ العزّةُ بالنفس الذكورية ذلك الابن وذلك الزوج فيعود ذلك بالوبال على الأم والزوجة المرأة..

الحقّ كل الحقّ أننا في حاجة إلى توفير فرص العمل المحترم لها ولزوجها ولأبنائها أيضا؛ فللمرأة الحقّ في العمل، وكذلك لها الحقّ في أي لحظة أن تكون ربة بيت وأن يكون لها سند، ولكي نكرّمها لا بدّ أن نوفّر لها الحماية والسند الاجتماعي والاقتصادي عبر أفراد الأسرة ولاسيما الزوج والابن والأخ والأب أيضا عند الحاجة وذلك بضمان العمل والدخل المحترم لهم.

الحقّ كل الحقّ أننا في حاجة إلى مزيد إعطاء المرأة الفرصة في المناصب السياسية العليا وليس فقط في الوزارات النمطية فلقد أثبتت المرأة جدارتها في تقلد هذه المناصب وبإمكانها أن تقدم المزيد، فلماذا لا تكون لنا رئيسة حكومة أو رئيسة دولة؟ فإذا كان منصب رئيس الحكومة اليوم بيد الحزب الأغلبي أو رئيس الدولة كما هو الشأن على أيامنا هذه، فإن منصب رئيس الدولة لا يزال بيد المرأة وبيد صندوق الاقتراع إن هي أقنعت بأدائها.

صحيح أنّ صندوق الاقتراع لم يمكن المرأة بعد من الرئاسية بعد، ولا شكّ أننا في حاجة إلى مزيد الثقة بالمرأة الرصينة النزيهة، ونرجو أن نجد في الانتخابات الرئاسية القادمة نساءً ينلن ثقة التونسي بعملهن وكفاءتهن لا بعلوّ صوتهنّ.

 L-univers

L-univers

Journal électronique traitant des affaires étudiantes, de la vie universitaire, des services universitaires et des activités communautaires

Shopping Basket