أنوار جامعية نيوز لطفي سعيد
دُور النشر في تونس: متى تتحقق المصالحة بين الكاتب والناشر؟
واقع مرير… للأسف، ولكنه الواقع على مرارته: الكتاب في تونس بوصفه حاملا للمعرفة ومُعبّرا عن الهوية الوطنية لم يعد حاملا إلا لهموم كاتبه أو ناشره ولا مُعبّرا إلا عن واقع ثقافي مأزوم يضع الكتابة الإبداعية برُمتها على المحك. هذا الوضع يستدعي تدخلا من سلطة الاشراف فيه من الشجاعة والحسم ما يعيد بناء جدار الثقة الذي تصدّع بين اهمّ الأطراف الفاعلة في المشهد: الكاتب – دار النشر.
بقدر ما تكون الرعاية والاهتمام بالشأن الثقافي بقدر ما ينقص الجدل أو يزيد بين الفاعلين في القطاع. هذه الرعاية وهذا الاهتمام قد يتخذان وجوها عديدة أهمها القيمة المالية المرصودة للثقافة وأهلها. ولعل من بين اهم الإشكاليات المُتصلة بهذه المقاربة إشكالية النشر في تونس وما يُرافقها من تبرّم وسخط من قبل المؤلف والناشر على حد سواء.
بين يدي الناشر
مؤلف الكتاب قصة او شعرا او وثيقة على دراية كبيرة بأزمة نشر الكتاب في تونس وترويجه لاحقا لذلك يجد نفسه بين خيارين: إما ان يضع الكتاب برُمته بين يدي الناشر الذي يتكفّل بمُهمتي النشر والترويج مقابل تمكين المؤلف من نسبة مئوية من عائدات البيع لا تتجاوز في الغالب الـ 10 بالمائة أو يتكفل الكتاب بنفسه بنشر وترويج الكتاب وهنا لا يُطرح سؤال حارق: ما الذي يدفع الكتاب ليضطلع بأدوار تتجاوز قدرته ولا تدخل في نطاق اختصاصه؟
الغاية الربحية في الحسبان
إن كان الغرض الأساسي من الكتابة والتأليف متعلقا بأسباب ذاتية بالأساس أهمها اثبات الذات وتثبيت الأقدام في الساحة الثقافية – الأدبية والفنية – فإن سعي المؤلف لا يخلو من غايات مادية ربحية حيث لا يمكن بأية حال اقصاء هذا الجانب فمع الرغبة في الشهرة والانتشار وذيوع الصيت يملك المؤلف الرغبة في تحقيق عائدات مادية من بيع الكتاب هذه العائدات لا يمكن ان يحصل عليها حين يُلقي بمخطوطه في دار النشر.
دور النشر: صعوبات بالجملة وحلول بالتقسيط
من جهة أخرى، لم يعد خافيا أن دُور النشر تُعاني ارتفاعا حادا في تكاليف الإنتاج قياسا الى تضخم أسعار الورق بالخصوص إضافة الى خدمات الطباعة والنقل والتخزين. وفي غياب الحلول الهيكلية التي تقدمها سلطة الاشراف يصبح الجانب الربحي هو المقياس الأساسي الذي تقوم عليه العلاقة الجدلية بين مؤلف الكتاب والناشر في ظل عزوف شبه تام عن اقتناء الكتاب.
