أنوار جامعية نيوز صفاء كندارة بنزرت

“رقوج” عرض استثنائي مبهر يختتم مهرجان بنزرت الدولي
أسدل الستار على فعاليات الدورة الثانية والأربعين لمهرجان بنزرت الدولي بعد أسابيع من العروض التي منحت مدينة الجلاء إشعاعا ثقافيا وفنيا متجددا. دورة ناجحة على جميع المستويات قادتها الهيئة المديرة برئاسة السيد لطفي الصفاقسي إلى بر الأمان حيث أجمع الفنانون والضيوف والجمهور على نجاح التنظيم وحسن الاختيارات.
السهرة الختامية لم تكن عادية بل استثنائية بكل المقاييس إذ احتضن مسرح الهواء الطلق “حافظ عيسى” العرض الموسيقي البفرجوي “رقوج” للمبدع عبد الحميد بوشناق. عرض تجاوز مفهوم الحفل الفني التقليدي ليكون مشروعا متكاملا جمع بين الموسيقى والمسرح والبصر والسينما في تجربة جريئة كسرت الحواجز بين الأجيال و ربطت الماضي بالحاضر في قالب معاصر.
سينوغرافيا خلّاقة وديكور نابض بالحياة
تميّزعرض “رقوج” بثراء سينوغرافي لافت حيث تحول الركح إلى فضاء ديناميكي متغير تلعب فيه الإضاءة والألوان والديكور دور البطولة إلى جانب الموسيقى. فقد صمّمت اللوحات البصرية بعناية لتكون امتدادا للخطاب الموسيقي فكل مشهد كان يفتح أفقا جديدا للمتلقي ويخلق توازنا بين الصوت والصورة والحركة. الديكور جاء بسيطا في عناصره لكنه عميق في رمزيته مما أضفى على العرض بعدا احتفاليا وملحميا في آن واحد.
موسيقى تعانق الذاكرة وتستشرف المستقبل
عبد الحميد بوشناق الذي عرف بجرأته في كسر القوالب سواء في السينما أو التلفزة قدّم في “رقوج” رؤية موسيقية جديدة تنهل من الموروث الشعبي وتعيد صياغته في قالب حداثي مطعم بلمسات إلكترونية وإيقاعات بديلة. هذا المزج جعل العرض أشبه برحلة موسيقية بصرية تنقّل خلالها الجمهور بين محطات تراثية وأخرى معاصرة مؤكدا أن الأصالة والحداثة يمكن أن تتعايش في تناغم خلاّق.
تفاعل جماهيري استثنائي
لم يكن الجمهور متلقيا سلبيا بل انخرط في أجواء العرض بشكل كامل. الهتافات والتصفيق ترددت مع كل لوحة موسيقية بصرية فتحوّل المسرح إلى فضاء احتفالي جماعي جمع بين الفنّانين والحاضرين في تجربة عاطفية وروحية مشتركة. وقد اعتبر العديد من المتابعين أن “رقوج” شكّل محطة فارقة في مسيرة عبد الحميد بوشناق لأنه جسد فيها تعدد هويته الفنية وأثبت أنه قادر على صياغة مشروع تونسي بروح كونية.
دورة رسّخت النجاح
بهذا الاختتام المبهر واصلت الدورة الثانية والأربعين من مهرجان بنزرت الدولي ترسيخ مكانتها كأحد أهم المواعيد الثقافية في تونس، مؤكدة قدرة هيئتها المديرة على التجديد وتوسيع قاعدة الجمهور مع الحفاظ على هوية المهرجان، القائمة على الجمع بين البعد الوطني والانفتاح على التجارب العالمية.




