أنوار جامعية نيوز / بقلم محمد بن التهامي صالح
حراك 25 جويلة 2021
تصحيح مسار وليس انقلاب
يتسرع كثيرون في تسمية ما حدث الليلة انقلابا..و لكن هذا تعسف على مفهوم “الانقلاب” في العلوم السياسية و الذي يكاد يحصر غالبا هذا الامر في استئثار القوة العسكرية بالحكم او تغيير شكله..
الذي حدث الليلة هو استعمال رئيس دولة منتخب بنسبة عالية و مريحة لآلية قانونية (الفصل 80 من الدستور) لأجل انهاء مهام برلمان اصبح سيركا ومهرجانا لفهلوات المهرجين من مختلف اصحاب باتيندات السياسة..و انهاء مهام رئيس حكومة قبض ثمن انقلابه على الرئيس الذي عينه و أدار بكل استهتار و تذبذب أحد أسوأ الأزمات التي يمر بها البلد..
الخشية من تجمع السلطات بيد رئيس الدولة مفهومة و معقولة و لكن درجة العفن التي وصل إليها الوطن في ظل سلطات ثلاث “مستقلة” تجعل الكي آخر أدوات الاستطباب.
بالتأكيد تونس ليست مصر .. فالذي تجمعت عنده السلطات الثلاث الليلة هو رئيس مدني منتخب و ليس عسكريا برز من الثكنات ..
و تونس ايضا ليست تركيا ..المقارنة حتما غير مستساغة و لا يمكن الاستئناس بها.. الشعب التركي الذي خرج ضد الانقلاب العسكري في تركيا كان واعيا بخطورة عسكرة الحياة السياسية ..
في تونس الأمر مختلف تماما لم يتسلم الجيش اي سلطة بل رئيس مدني منتخب يقوم يتفعيل آلية دستورية و إن بشكل متعسف و فيديوهات الاستحسان الشعبي لهذه الخطوة تشير الى حنق الناس على برلمان مشوه و على رئيس حكومة يبيع الريح للمراكب في سبخة السيجومي..
انصار الحزب الحاكم الذين طبعا أزعجتهم البادرة الرئاسية مدعوون أكثر من غيرهم انهم “يصلوا على النبي” و يبعدوا الشيطان و يعرفوا ان استعمال كلمة “انقلاب” فيها كثير من الوقاحة خاصة منهم …يعني عيب على حزب تحكمه عائلة و تصير انقلابات في مؤتمراته ان يفتي في فقه الانقلابات.. حتى قال احدهم متهكما ” و انتم الم تنقلبوا على الجميع ..حتى ربي انقلبتم عليه ” بقية النشطاء السياسيين و الحقوقيين الذي استنكروا ما حدث الليلة يتفهم كل عاقل مخاوفهم و توجساتهم و ان كان مبالغا فيها ..
المهم ان لا يسير البلد في طريق الاحتراب الداخلي و الأهم أن نعترف جميعا بأن الديمقراطية التي جمدها الرئيس لم تكن عرجاء فقط كما عبر كثيرون ..بل كانت ديمقراطية عاجزة ..مريضة و موبوءة..و هذه لا خير فيها و لا خير منها ينتظر.. حفظ الله البلاد و العباد .. انا من الناس الذين يعتقدون بقوة أن هذا البلد محفوفة بالطاف إلهية خفية و جلية و أنه لا تدوم عليه غمة..
