أنوار جامعية نيوز / بقلم أنيسة فخرو – البحرين

هل يمكن أن تكون البحرين سيشل الخليج؟
البحرين لؤلؤة الخليج، وتُسمى سيشل لؤلؤة المحيط الهندي، نظراً لوجود الكثير من المعالم الطبيعة الخلابة، التي حافظت الدولة عليها، والتي تعمل ليل نهار على حمايتها، فهي تشتهر بالشواطئ الجميلة ذات الرمال البيضاء الناعمة، والتي تُزيّنها صخور الجرانيت السوداء المتناثرة، ومجموعة من التماثيل التي نحتتها الطبيعة ، كما أن جزر سيشل تعتبر مزارع طبيعية لكثير من أشجار البهارات مثل القرفة والفانيليا، وجوز الطيب.
كانت سيشل فقيرة جدا، وكان الكثير من النساء السيشيليات يمارسن مهنة الخدمة المنزلية في بيوت أثرياء الخليج، مساحتها حوالي نصف البحرين 459كم 2، وعدد سكانها أقل بكثير من سكان البحرين، فقط 100 ألف نسمة، من الأفارقة والهنود والصينيين والأوروبيين، وقليل من العرب.
تنتسب سيشل إلى أفريقيا جغرافيا، لكنها تنتمي إلى آسيا بسكانها، ويعمل أغلبية السكان بالقطاع السياحي ومدينة “فيكتوريا” عاصمتها، وتقع في جزيرة “ماهي” أكبر الجزر، وهي أصغر عاصمة في العالم، من حيث المساحة، كما أنها المدينة اليتيمة والتي تحتوي على ميناء البلاد ومطارها، والباقي عبارة عن مجموعة قرى صغيرة متفرقة، ولكونها المدينة الوحيدة في البلاد، فقد حظيت باهتمام كبير، مما أكسبها شكلا متميزا من حيث الجمال والتخطيط.
يتألف الشعب السيشلي من عدة أجناس، وأعراق مختلفة، وذلك عندما وصلت أول سفينة محملة بالعمال إلى الجزيرة سنة 1770م، وهم مجموعة من الفرنسيين برفقة بعض شعوب مستعمراتهم من الأفارقة، وبعد أن تأكدوا من صلاحية الأرض لبعض المنتجات الزراعية، استجلبوا المزيد من العمال للعمل في حقول قصب السكر والبن، فاستقرت هذه الشعوب مكونة قرى صغيرة ومتفرقة، وبعد أن انتقلت المنطقة إلى السيادة الإنجليزية فضّل بعض الفرنسيين البقاء.
وفي محاولة من الإنجليز لزيادة الإنتاج الزراعي في تلك الجزر لجؤوا إلى استجلاب المزيد من العمالة، من الهند والصين، أكبر مستعمرات بريطانيا آنذاك، لتضاف إلى شعوب الجزيرة أجناس أخرى رفعت من نسبة التباين العرقي.
تنازلت فرنسا عن الجزيرة لصالح بريطانيا بعد الحرب التي وقعت بين البلدين أيام نابليون بونابرت سنة 1814م، ومنذ تلك السنة إلى 1903م كانت الجزيرة تتبع موريشيوس، وأصبحت سيشل جمهورية بذاتها بعد أن نالت استقلالها في يونيو 1976م.
لم تشهد سيشل آثارا لحياة بشرية واضحة إلا في القرن السابع عشر، حيث وصل البرتغاليون إلى الجزر، فلم يجدوا فيها حياة تُذكر، سوى نقطة يتخذ منها القراصنة ملاذا وقاعدة لانطلاق سفنهم في المحيط الهندي، وامتد ذلك لأكثر من مائتي عام. وفي سنة 1756م زعمت فرنسا بحقها في ضم الجزر، بعد أن أرسل حاكم موريشيوس الفرنسي (ماهي دو لا بوردوناس) سفينة لاستطلاع الجزر، فنزل قائد السفينة في أكبر الجزر ليطلق عليها اسم حاكمه، وليظل الاسم حتى الآن.
تعتمد جزر سيشل في تجارتها ودخلها القومي على السياحة، فليس لها من موارد أخرى، لا نفط ولا معادن، وارتفعت نسبة النمو حوالي 5%، وانخفضت نسبة البطالة إلى 4%، وأصبح سكانها من ذوي الدخل المتوسط والعالي بفضل السياحة.
ومنذ عام 2000 تشهد سيشل ازدهارا واضحاً في البناء وتشييد الفنادق والمنتجعات الكبيرة، وتعتبر نقطة جذب للسياح بسبب معالمها الطبيعية، وقد حافظت الدولة على البيئة والشواطئ واحترمت الطبيعة، فردّت الطبيعة الجميل، وأعطت الشعب الخيرات، ودرّت عليهم الذهب والأموال الطائلة من السياحة.
ونكرر بأن الثلاثة عوامل الأساسية التي ساهمت في نهضة سيشل، وفي كل النماذج الناجحة، هي:
محاربة الفساد، والتركيز على التعليم، والمحافظة على البيئة ، إضافة إلى عوامل ثانوية مثل الخطة الاقتصادية التنموية الواضحة، وتحديد شروط دقيقة للعمل، والتجنيس، وعدم إعطاء الجنسية لكل من هب ودب، وإلا لصار عدد سكان سيشل مليون نسمة بدل من 100 ألف فقط.
فهل نتعلم من تجارب الدول الأخرى؟
الدكتورة أنيسة فخرو
سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام