الاربعاء 7 أكتوبر 2020 بمدينة الثقافة مسرحية “الهوارب” وصرخة ألم لصحفي معتقل طيلة ثلاثة عقود.

حافظ الشتيوي

أنوار جامعية نيوز / حافظ الشتيوي

كثيرا ما يعيش المثقف عموما والصحفي خصوصا غربة وجودية تكبل مسارات فكره الابداعي والنضالي وكثيرا ما يدفع ثمن مواقفه من حياته ومن حريته .

مسرحية الهوارب ومحاولة الهروب من الواقع

الهوارب هو جمع الهاربين من واقع متردي هو عمل يكشف حال المثقف العربي في صراعه من اجل العدالة و قضاياه الملتزمة من اجل وطنه قبل الثورات العربية و غربته القاتمة بعدها فهو سجين الماضي و الحاضر ..هو غريب الواقعين

أصل الحكاية تدور بين اربع شخصيات ( الاب يحي و الام و الابن,وسجان), وصرخة ألم مكبوتة ممتزجة بالألم … ألم الفراق والتفكك الاسري والالم نوعان ألم نفسي وألم جسدي .

شخصية المسرحية “يحي”  عانت الامرين والالمين  فهو صحفي وهو مسجون سياسيا قضى قرابة  ثلاثين عام في سجن الهوارب  ذلك المعتقل المليء بالسجناء السياسيين،وقد عاش  داخل السجن انتهاكات نفسية وجسدية إلى حد التعود على الالم ليصبح الالم جزءا من شخصيته حتى أنه أصبح يعتقد  أن الحياة داخل سجن الهوارب أفضل بكثير من الحياة خارجها في ظل ما تعيشه تونس من حالة الفوضى السياسية .

مسرحية الهوارب ستقدم يوم الاربعاء 7 أكتوبر 2020 بمسرح المبدعين الشبان بمدينة الثقافة نص وتمثيل محرز غالي، هاجر الفهري، ضياء منصوري وعازف تشللو أحمد بجين اخراج وسينوغرافيا حافظ خليفة وانتاج شركة حنبعل للانتاج

رمزية النص وجمالية الاخراج

في لقاء خاطف مع الممثل محرز غالي صاحب النص ومجسد الشخصية المحورية فيها سألناه عن رمزية الشخصية واسمها يحي  الصحفي الذي يحيا داخلنا فأجاب بأن الاحداث تدور إثر عودة الام نادمة  الى زوجها بعد سنوات طويلة من الغربة وتصدم بهذا الزوج الذي هدته السجون عن جراء نضاله السياسي و ما تسبب له من تعذيب و سقوط جسدي و نفسي و ينمو الصراع حول الاعتراف و المسامحة و التفكك الاسري قبل الربيع العربي و بعده و نكتشف في الاخير ان كل احداث المسرحية تدور في خيال يحي و الذي هو لازال سجينا بزنزانته و السجان واقف على بابه يعزف موسيقاه.

من خلال النص هل ان البطل ضحية وضع سياسي متردي ام سلوكه لطريق خاطئ ام الوضع المحيط به دفه دفعا ؟

ايمانا مني بضرورة المواصلة العمل و حضور المسرح بحياتنا اليومية فاني اعتقد ان البشرية بحاجة ملحة الان للمسرح دون سواه بعد هاته الجائحة كي يكون كالمرآة للحديث عن انفسنا و البوح بما يخالجنا من مخاوف و هموم. و اعتقد ان اكثر فئة كانت ضحية هذا الوضع العبثي هو النخبة المثقفة بأوطانهم و الذين يعيشون تحت ظل الغربة الوطنية و النفسية لخراب بلدانهم و مساهمة الفوضى السياسية في تردي الاوضاع فيها و تفشي ظواهر الانتصاب النقابي و المطلبي الفوضوي باسم الدين او الاسلام السياسي و حتى الشعبوي.

اعتمدت في هذا العمل على رؤية اخراجية مغايرة لما تعودنا منك ان تكون انت صاحب الفكرة الاخراجية فلماذا؟

بالطبع الشخصية الرئيسية للمسرحية يحي كان نتيجة وضع سياسي متردي منذ ثلاثة عقود فكانت كتاباته تنقد الوضع العام الذي تعيشه البلاد ورغم الهرسلة التي تعرض لها انذاك لكنه تشبث برايه وواصل مشواره النضالي فكل مناضل فكر يعتبر نفسه ملزما تجاه بلاده لايصال افكاره وانارة الراي العام بما يحاك في كواليس دوالب الدولة وعندما تكون انت الكاتب وصاحب المشروع ويكون في مشروعك روح منك وانا اعتبر ان شخصية يحي جزء مني كتبت بمعاناة وكان من الضروري الااستعانة بمخرج يحمل نفس الهم والفكر وهو فكر المثقف المهمش الان في الوطن العربي ولا يخفى عنكم دور السلطة الرابعة في تغيير الشعوب او تقريب وجهات النظر وهنا نتحدث عن الاعلام الحر الذي لا يخاف لومة لائم ، ولم يكن اختياري لحافظ خليفة اعتباطيا بقدر ما كان مدروسا فحافظ مخرج طموح ومحترف بما تحمله الكلمة من معاني وعندما تتعامل مع مخرج مثل خليفة وكلنا يعلم انه اتجه الى الاعمال الضخمة والفنية الكبيرة وهذا اختيار نجح فيه فسوف يعمل جاهدا على خلق انماط مغايرة ونحن نعتبر ان تعاملنا مع حافظ خليفة في هذا المشروع كان نقطة اجابية لمسرحية هوارب

غربة الوطن من غربة الاعلام

سألنا المخرج والسينوغراف حافظ خليفة عن مدى تفاعله مع النص اخراجيا وهو المتعود على تطويع النصوص التاريخية والرموز المسرحية فأكد بقوله :

حافظ خليفة

” ان فكرة المسرحية جاءت من حالة الفوضى السياسية التي تعيشها تونس حاليا وأعتقد أن هناك حرية تعبير لكن هناك ديكتاتورية مضادة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي نظر لعدم توفر الوعي الكافي. 

ويواصل قوله:

إن الوضع التونسي اليوم لا ينبئ بخير وأن المثقف والصحفي يعيشان حالة غربة، فالصحفي الذي يمثل سلطة رابعة في دولة من المفترض أنها تحترم السلط، لا حرية رأي وتعبير فيها، هناك فقط اعلام موجه للأسف، ومدعوم من قوى خارجية يضرب في العمق حرية التعبير والمسرحية تحاول أن تطرح كل هذه الإشكاليات بإعطاء النموذج الأفضل بأن يكون الصحفي، محور العمل، صاحب ضمير وقضية وملتزم بشرف المهنة.. وفي سياق حديثنا نذكر جيدا ما حدث للراحل مؤخرا الكوريغراف نجيب خلف الله حين قدم عرضه “ألهاكم التكاثر” والهجمة التي تعرض لها والتهديد بالقتل إلى جانب العنف المادي واللفظي أيضا ما حصل في السليمانية وتكفير الدكتور محمد الطالبي بمعنى أن أي مثقف أو مستشرف أصبح مصادرا من طرف المجموعة وليس السلطة فقط.

في ضيافة مسرحية الهوارب

ويختم حافظ خليفة حديثه بتأكيده على أن مسرحية ” الهوارب ” تعتبر لبنة جديدة في صرح مسيرته الابداعية باعتماده على السينوغرافيا المتحركة التي اساسها فن الحركة وجمالية الصورة وواقعيتها وقدرة الممثل على الاستبطان الداخلي وعلى وجوه مسرحية محترمة غير مستهلكة إضافة إلى تقديم الموسيقى التصويرية حية بشكل حي و مباشر كي تكون اكثر واقعية من خلال العزف المرافق للاحداث .

 L-univers

L-univers

Journal électronique traitant des affaires étudiantes, de la vie universitaire, des services universitaires et des activités communautaires

Shopping Basket