أنوار جامعية نيوز صفاء كندارة بنزرت
صور منى وردي
بنزرت صيانة قصر المؤتمرات محاولة لإنقاذ ذاكرة مدينة من الاندثار
في قلب مدينة بنزرت يقف قصر المؤتمرات شاهدا صامتا على عقود من التاريخ السياسي والثقافي ومعلما يحتفظ في جدرانه بصدى أحداث كبرى رسمت ملامح الذاكرة الجماعية للمدينة ولتونس عموما. لكن هذا الرمز الحضاري الذي احتضن على مدى أكثر من نصف قرن المؤتمرات الوطنية والتظاهرات الثقافية الكبرى وجد نفسه في السنوات الأخيرة على حافة النسيان يئن تحت وطأة الإهمال وتداعيات الوضع العقاري المعقد.
مبادرة لإحياء معلم منسي
ولأن الذاكرة لا تترك للاندثار بادرت بلدية بنزرت بالشراكة مع جمعية البر والإحسان إلى إطلاق حملة صيانة وترميم شاملة لقصر المؤتمرات في محاولة جادّة لإعادة الحياة إلى هذا الفضاء الرمزي الذي شكل جزءا من هوية المدينة.
وقد شهدت الأشغال مشاركة واسعة من مختلف مكونات المجتمع المدني والمنظمات المحلية في صورة تعبّر عن مدى ارتباط أهالي بنزرت بتاريخهم وإيمانهم بضرورة الحفاظ على معالمهم الأصلية.
تنوّعت الجهود بين أعمال التنظيف والصيانة الداخلية وإعادة تهيئة المحيط الخارجي للمبنى بمشاركة أعوان وإطارات بلدية بنزرت وعدد من المتطوعين الذين عبروا عن رغبتهم الصادقة في استعادة القصر لبريقه القديم وتحويله مجددًا إلى فضاء يحتضن الأنشطة الثقافية والفنية والمؤتمرات الوطنية.
ذاكرة على المحك
ورغم هذا التحرك الإيجابي يخشى الكثير من المتابعين أن تعود بوادر الإهمال من جديد خاصة في ظل غياب رؤية واضحة تضمن ديمومة الصيانة وإعادة التوظيف الثقافي للمبنى. فالمدينة التي تفتقر إلى فضاءات كبرى للنشاط الثقافي لم تعد تملك سوى قاعة دار الثقافة الشيخ إدريس وهي قاعة محدودة الطاقة الاستيعابية لا تفي بحاجة الفعاليات الثقافية الكبرى التي تشهدها بنزرت.
دعوة لإنقاذ المعلم قبل فوات الأوان
اليوم يقف قصر المؤتمرات ببنزرت عند مفترق طرق إما أن يستعاد كرمز حيّ من رموز الذاكرة المحلية أو أن يلقى مصير معالم أخرى اندثرت تحت مسمّى “آيلة للسقوط”، كما حدث مع المدرسة الابتدائية عزيزة عثمانة والسوق المركزية بالمدينة.
إن المحافظة على هذا الصرح ليست مجّد صيانة لجدران متداعية بل هي حماية لذاكرة مدينة بكاملها واستثمار في مستقبلها الثقافي والإنساني.
ويبقى الأمل معقوًا على تضافر الجهود بين السلط المحلية والمجتمع المدني والدولة حتى يستعيد هذا الفضاء مكانته الطبيعية كأحد أعمدة المشهد الثقافي في بنزرت وكتعبير أصيل عن الوفاء للمكان والتاريخ.
